حين باشرت سابقاً بكتابة تفاصيل حرب الغاز قبل سنوات ضمن سلسلة الياسمينة الزرقاء شكك البعض , لكن اليوم باتت واضحة والكثير من المحطات الإعلامية تحدثت عنها وتناقلها الكثيرين من الكتاب, واليوم حرب الغاز أصبحت علنية وبدأ بجانبها حرب أسعار النفط, ومنذ ذلك الوقت الى اليوم تبدلت أمور كثير فمثلا خط غاز السيل الجنوبي بعد أن أمر بوتين بالبدء بإنشائه تم إلغائه , وظهر خط غاز روسي جديد هو السيل التركي في حين أن خط نابوكو لازال حبرا على ورق وخسر أحد أعضائه وهو دولة هنغاريا التي دعمت خط غاز السيل الجنوبي الذي تم إلغائه لاحقاً, في حين أن هناك معلومات لازالت تتسرب بخجل عن نية واشنطن تأمين إمدادات لخط نابوكو بواسطة داعش عبر نشر داعش في وسط آسيا لحماية خطوط غاز قد يتم إنشائها أو لإثارة القلاقل والسيطرة على مناطق جغرافيا لنهب الطاقة, ويأتي هذا الأمر بعد أن نجحت داعش بسرقة النفط السوري والعراقي ونقله للشركات الأمريكية في تركيا, هذا و بدأت عملية حشد داعش في وسط آسيا من قبل المخابرات الأمريكية وبدأت تتسرب الصور التي توضح قيام داعش بإعدام عناصر من حركة طالبان, ويذكر بأن روسيا حذرت بنبرة حادة من محاولة نقل الطاقة من بحر قزوين الى آوروبا خارج الأراضي الروسية في تحذير هو الأول من نوعه الذي تقول فيه موسكو بوضوح أنها ترفض أي إمدادات من بحر قزوين خارج أراضيها, وكذلك حذرت من وجود داعش في وسط آسيا ولأجل ماسبق وجب توضيح الكثير من الإمور حول مستجدات حرب الغاز, التي بدأت تأخذ منحى حرب القاعدة مع حركة طالبان. السيل التركي مشروع خط غاز السيل التركي ليس فكرة جديدة بل إن روسيا لوحت سابقاً بأنها قد تزود الأردن بالغاز عبر تركيا من خلال توسيع خط السيل الأزرق, لكن لم تتوضح اهداف روسيا من مثل هذا الخط حيث أن أزمة ديون اليونان لم تكن موجودة ولا التلويح بخروج اليونان من الإتحاد الآوروبي, ومصر كانت المصدر الأساسي للغاز الى كيان الإحتلال الإسرائيلي والأردن, والكثير من الإمور التي كانت مختلفة, ولم يدرك أحد أن تلويح روسيا بهذا الخط هو نوع من التحذير, ولكن اليوم تبين أن تلويح روسيا بخط غاز الى تركيا له دلالة واحدة أن روسيا كانت تطلب ببعدها الجيوسياسي في أوكرانيا لأن خروج إمدادات الغاز الروسية من أوكرانيا سيعيد أوكرانيا الى الرحمة الروسية حيث مصالحها الإستراتيجية الطبيعيه, وفي حال رفض الغرب ذلك فإن موسكو حذرته و سترسل الغاز عبر السيل التركي وهذا سيحرم دول مثل بلغاريا وهنغاريا من عائدات الغاز وبالتالي ستزداد الدول التي ستصبح في حاجة موسكو, والأهم من ذلك هو بنية تحتية لمشاريع الغاز المستقبلية في شرق المتوسط حيث المطامع الأمريكية, ورغم أن الآوروبيين يدركون بأن مصلحتهم الحقيقية والمطلقة في خط غاز السيل الجنوبي إستمروا بالتضييق على شركة غاز بروم وذلك بناء على ضغوط واشنطن حتى تم إلغاء الخط ليحل مكانه السيل التركي الذي بدوره سيصبح كماشة روسيا على الدول الآوروبية بكل ما تعني الكلمة من معنى. التخبط الآوروبي والإتحاد الآوروبي لم يجن على نفسه عبر تحويل خط الغاز الروسي الى تركيا فحسب, بل أكثر من ذلك دعم إنقلاب عسكري على الشرعية في أوكرانيا متجاهلاً فشل جميع تقنيات الناتو العسكرية أمام الجيش الروسي في جورجيا, ورغم ذلك دعم إنقلاب عسكري وترك حلفائه في أوكرانيا بلا دعم لانه عاجز عن تكرار تجربة جورجيا عسكرياً, وبالتالي رسالة الغرب كانت الإصرار على محاولة منع روسيا من الحصول على فضائها الجيوسياسي في أوكرانيا, والنتيجة قدموا لموسكو فضاء جيوسياسي أوسع مجاناً على طبق من ذهب والسبب هو إنقيادهم الأعمى للسياسة الأمريكية, و عودة القرم الى روسيا أكبر دليل على أن الآوروبي سار عكس مصالحه. حرب داعش وطالبان الإستقتال الأمريكي للوصول الى بحر قزوين لا يزال قائما رغم فشل كل الحروب التي رعتها وشنتها واشنطن عبر ربع قرن مضى, وجديد تحركاتها توسيع وجود داعش الى وسط آسيا, وإستبدال الإحتلال الأمريكي لأفغانستان بداعش كما فعل الأمريكي بالعراق, ولكن حتى لو سيطرت داعش على كل أنحاء أفغانستان فمن المستحيل مد خط عبر أفغانستان من تركمانستان في وقت وزمن قياسي يمكن أن يخدم مصالح واشنطن, ومثال ذلك هو ما حدث مع الإتحاد الآوروبي الذي دعم واشنطن في التدخل في سورية والنتيجة أن إمدادات غاز الإتحاد الآوروبي من روسيا كانت قبل الأزمة السورية لا تتجاوز 24بالمئة, بينما حالياً وصلت الى 31 بالمئة بسبب إزدياد الطلب على الغاز, وبالتالي لا يمكن لواشنطن تأمين مصدر طاقة لباكستان عبر أفغانستان في الوقت الذي تريده مع تزايد الطلب على الطاقة, ولن تعرقل إنبوب الطاقة الإيراني الذي أعلنت علنا عبر سفيرها في باكستان عن معارضته لان ذلك سيؤدي الى تمرد باكستان العطشى للطاقة , ويبقى الإحتمال الآخر هو تسلل داعش الى إرمينيا أو إيران ولكن لن يجدي ذلك نفعاً بسبب ديموغرفيا المنطقة, وبالتالي لا يمكن وصف تحركات واشنطن سوى بمحاولة المماطلة بالحلفاء للبحث عن حلول أصبحت شبه مستحيلة, والمماطلة لها سبب واحد أن واشنطن إعترفت بالهزيمة ضمنيا وتريد الصبر للحصول على مكاسب في ساحات بعيدة عن ساحات القتال وهو ما يؤكده إنهيار أسعار النفط وهذا ما سأحاول توضيحه في المقال القادم.