من يتتبع التاريخ السياسي للشخصية العربية ذات البعد الفردي المحتمية بالأيديولوجيا المؤيدة له والحامية لتصرفاته فسوف يدرك لامحالة أن القصور الاستشرافي حاصل مع الشخصية العربية.. ومع حصولها تتالى الكوارث.. فمن يستحضر الى الذاكرة اخر حاكم أموي مروان بن محمد750م فلا بد انه يرى انحسار ذهنيته عما كان يدبره ابو مسلم الخراساني الكردي الاصل في العراقين وفارس.. وفي الإمبراطورية العباسية750-1258وصل المتوكل الحاكم العباسي العاشر إلى السلطة232-247هج847 م فقد طرد العلماء وعطل المبحث العقلاني ونكل بالمعتزلة وقرب الجهلة.. وأعاد السلفية الى المقام الاول...وارتد عن المثاقفة الاممية وحارب الترجمة كمشروع اسسه المأمون.. وهو برأيي صاحب ما نراه اليوم.. والمؤسس للتجهيل والاخونة .. وأما المستعصم اخر حاكم عباسي1258فقد توهم أن هولاكو سيترك له بغداد اذ قال: "إن بغداد تكفيني" ثم اقتلعه المرحوم هولاكو واقتلع الخلافة الزائفة.. وفي المرحلة العثمانية.. لم يستطع السلطان العثماني عبد الحميدالاول1789- ولا سليم الثالث أن يستشرفا النمو الروسي في عهد القيصر كاترين1762-1796مما حطم الامتداد الشرقي وساهم في الامتداد الغربي.. محمد علي باشا 1805-18049بنى مشروع الدولة القطبية في مصر...وارتبط بالمشروع الصناعي الغربي...لكن جذره العثماني حرمه من رؤية استراتيجية لخطورة وصوله الى الآستانة 1838 مما اثار الغرب فتحالف الكبار ضده وحطوا جيشه ومشروعه 1840.. الزعيم جمال عبد الناصر1952-1970.. رائد المشروع القومي لم يستطع ان يستشرف البعد اليمني ولا خصوصية الاعراق السورية العراقية فخسر الوحدة والامتداد، أنور السادات رائد الزمن الراجع ومحيي الزمن الأمريكي. لم يستشرف خطورة التحالف مع العدو الخارجي ولا التحالف مع النقيض الإخواني فقتل لكن بعد أن قتل مصر والشام.. صدام حسين.. حاول إحالة الثروة النفطية الى قوة قومية. من خلال البعد العسكري، لكنه لم يدرك خطورة الحرب مع إيران الصاعدة، ولم يدرك خطورة المساس بالنفط عصب الصناعة فخسر المشروع ودمر العراق. القذافي1969-2011 حاول إحياء المشروع الناصري ولكنه لم يتملك كاريزمية عبد الناصر ولا شعبيته ولا خصوصية مصر. أنفق الثروة في الأوهام، ثم قتل بحقد نادر.
العرب اليوم تائهون، المشكلة اليمنية ستتطور الى ان تذهب بالثروة النفطية، وبالتنمية الناتجة عنها، وتائهون من المعاهدة الإيرانية مع الغرب العالم يصنع تاريخه الجديد...العرب ينامون غلى تاريخهم القديم.
