الخميس 2015-08-27 16:57:26 تحليل سياسي
انهيار الخطة... ومبدأ امتصاص الصدمة !
انهيار الخطة... ومبدأ امتصاص الصدمة !

    تقول الكاتبة في جريدة الغارديان "نتالي نوغابريد": "لو كان لأوباما استراتيجية في سورية فقد انقلبت رأساً على عقب .." في إشارة إلى انهيار الخطة التي رسمتها دوائر القرار الأمريكية والتي تهدف إلى تدمير الدولة السورية وتخريب إداراتها المختلفة وضرب مؤسسات المجتمع المدني السوري من الداخل دون أن تخسر هي نقطة دم واحدة أو دولار واحد ، وفق الإستراتيجية العسكرية التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي جاءت ضمن 24 صفحة، حيث أكدت على أن البنتاغون يسعى لتحقيق مصالحه من خلال الحرب مكرساً العدوان كسبيل للحفاظ على الهيمنة الأمريكية على مقدرات العالم، وذكر تقرير نشره موقع "فورين بوليسي" أن الإستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة تٌمثل في الحقيقة تراجعاً حاداً عن وثيقة السياسة العامة التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية عام 2011، حيث ركز البنتاغون في إستراتيجيته الجديدة على ضرورة تجنب الحروب الطويلة كالتي حصلت في العراق وأفغانستان ، وإجراء عملية تهجين بين آليات الحروب التقليدية مع حروب العصابات والاعتماد على العملاء والأدوات في التنفيذ، مشيراً إلى أن التفوق التكنولوجي للجيش الأمريكي بدأ يتآكل في عصر شهد تنافس قوى كبرى صاعدة، وبالتالي جاءت الإستراتيجية الجديدة للبنتاغون ملبية لضرورات امتصاص الصدمة والتخفيف من آثار الفشل في تحقيق الأهداف عبر الحرب المركبة إن لم نقل الهزيمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
   وبالرغم من الكوارث الضخمة التي حققتها الحرب الإرهابية الظالمة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفائها في المعسكر الاستعماري على الشعب السوري والفاجعة الكبيرة التي ترافقت مع تلك الحرب، حيث قدم السوريون حوالي ربع مليون ضحية ما بين شهيد وجريح ومفقود، وأكثر من خمسة أضعافهم من المهجرين والمنكوبين، وترافق ذلك مع تدمير متعمد للبنية التحتية والاقتصادية وتشويه للحالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية في كثير من المناطق خاصةً التي سيطر عليها المسلحون، يؤكد المراقبون بأن الدولة السورية وبعد مضي أكثر من أربع وخمسين شهراً متواصلاً على بداية الحرب، لم تزل تمتلك عوامل الصمود، وهي أكثر قدرة اليوم على إدارة المعركة بعقلية الواثق من النصر مهما طال زمن المعارك، وقد تمكن الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني من إعادة تجميع قواها الذاتية ورسم خططها المحكمة انطلاقا من أهمية المواقع ودورها في توجيه المعركة، متسلحة بإرادة المدافع عن شعبه وعن مستقبل وطنه ومرتكزةً على عقيدة راسخة في حتمية النصر دفاعاً عن الوطن ومصالحه تحت جميع الظروف.
  لقد جهدت الإدارة الأمريكية في تحويل مراكز الأسلحة الإرهابية المدعومة إقليمياً إلى منصات سياسية تستطيع من خلالها تمرير أجندات سياسية فشلت في تحقيقها عبر سياسة الحصار والتجويع التي فرضتها على الشعب السوري طيلة أربع سنوات ماضية، لكن القيادة السورية وحلفاءها في المعركة تنبهوا جيداً لهذا التكتيك المخادع من قبل الأعداء، وتمكنوا من تجاوز جميع المطبات التي حيكت بشكل مباشر من خلال إجرام العصابات الإرهابية ودعمها عسكرياً ولوجستياً أو بشكل غير مباشر عبر المبعوثين الأمميين الذين تبين أنهم يحملون خطط مقولبة وجاهزة، وقد حدد السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير مع قناة المنار اللبنانية عشية الخامس والعشرين من آب الجاري أسس أية مبادرة يُمكن أن يُكتب لها النجاح، حيث قال سيادته في موجب رده على تساؤل عن ضوابط ومحددات أي مبادرة يُمكن أن تطرح: "أولاً سيادة سورية ووحدة الأراضي السورية.. قرار الشعب السوري بمعنى أنه لن يكون هناك إملاء من أي جهة، ويجب أن يكون القرار بالنهاية قراراً وطنياً صافياً... عملياً يجب أن يكون هناك قاعدة لأي مبادرة، تبدأ وتستند وترتكز إلى مكافحة الإرهاب، أي مبادرة ليس فيها بند مكافحة الإرهاب كأولوية ليس لها قيمة.. ".
  هناك من يرى حصول استدارة شبه كاملة للإدارة الأمريكية في سياستها الخارجية تجاه ما يجري في المنطقة سواء لجهة فرد مساحة ملائمة للحوار مع القوى الدولية الأخرى وخاصة روسيا والصين، أو الالتزام بالقانون الدولي وما يصدر عن المنظمة الدولية من برامج من جهة أخرى، لكن هذه الاستدارة بطيئة ومتذبذبة وتعتمد على استثمار عامل الوقت من أجل إنضاج الطبخة السياسية بما ينسجم وتأمين المصالح الأمريكية و ربيبتها في المنطقة إسرائيل، ويدعمون هذه الرؤية بقرار  سحب محطات صواريخ البتريوت من تركيا بأنه من ضمن هذه التحولات.
  بكل الأحوال حتى الآن ورغم كل النجاحات الدبلوماسية التي توجت بتوقيع الاتفاق النووي بين السداسية ( 5 +1 ) وإيران، لم تزل دول محور المقاومة تتحسب لكل أنواع المفاجآت، وتتهيب اللحظة المناسبة لإثبات قدرتها على الرد المناسب وفق مقتضيات الظرف.. 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024