الخميس 2015-10-01 07:33:50 تحليل سياسي
تسعون دقيقة بينهما، اتفقا واختلفا

لأول مرة بعد مرور ما يقارب ثلاثة أعوام، ووجهاً لوجه، يلتقي الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نظيره الأمريكي "باراك أوباما"، على هامش الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، و في أروقة الأمم المتحدة، و خلف أبوابها الموصدة، بعيداً عن أعين الكاميرات، و فضول الصحفيين المتلهفين لسماع تصريح أو حتى تلميح، و بأمل ينتظره الكثيرون مما أنهكتهم الحرب و أثقلت كاهلهم. بحث الرجلان ملفات ساخنة، تصدرها الأزمتين السورية والأوكرانية، وأولوية تشكيل حلف دولي بمشاركة روسية و مساعدة الجيش السوري للقضاء على ما يسمى "الدولة الإسلامي" و بشكل نهائي. كلمات مقتضبة، لكنها ذات مغزى، صرح بها الزعيم الروسي، خلال مؤتمر صحفي تلا الاجتماع المغلق، مثلاً، الإجتماع كان "مفيداً جداً "، "صريحاً جداً"، "بناء"، "عملياً"، تخلله العديد من النقاط و الآراء المشتركة، فضلاً عن الاختلافات و الخلافات، لكن و بكل الأحوال، العلاقة (الروسية –الأمريكية) ما زالت تتسم بالاحترام. أوباما من جهته لم يعلق على اللقاء، و انطباعه بقي مجهولاً، ربما ترك المهمة للإعلام الأمريكي، الذي ذكر أن الرجلين اتفقا على حل النزاع في سورية وفق وجهة النظر الروسية بإيجاد حل سلمي، لكن اختلفا على مصير الرئيس "بشار الأسد"، الذي تراه القيادة الروسية دعامة أساسية لمحاربة الإرهابيين، و صمام الأمان الذي سيحمي البلاد من التقسيم، و وصول المتطرفين إلى السلطة في دمشق، فيما رأته واشنطن سبب المشكلة الذي أوصل سورية إلى ما وصلت إليه، لكن لا مانع من تأجيل هذا الأمر إلى حين الانتهاء من "داعش". الكثير من الشائعات سبقت حدوث هذا الاجتماع، إحداها كانت للسكرتير الصحفي للبيت الابيض "جوش أرنست"، الذي قال في بيان: أن "بوتين" يتوق لإجراء محادثات مع أوباما، لكن مساعد الرئيس الروسي "يوري أوشاكوف" نفى هذه الشائعة وقال: أن مسؤولين أمريكيين قدموا في 19 أيلول الجاري، مقترحا رسميا لعقد اجتماع بين الرئيسين وافق عليه الكرملين، الوضع إذاً لا يحتاج لعبقرية في التحليل، أوباما من أراد هذه المشاورات، لماذا؟ أجبره الفشل على المسار السوري في محاربة الإرهاب، و انخراط (المعارضة المعتدلة) المعول عليها من قبل واشنطن في صفوف "جبهة النصرة" المتطرفة، ناهيك عن فشل عزل روسيا دولياً، و عدم فعالية العقوبات المفروضة عليها، كل ما سبق يعتبر منطقياً جداً، كي تخطو واشنطن خطوة باتجاه موسكو، و تحضر للقاء بين القائدين و لو كان بتكتم أمريكي، خشية الاعتراف بانتصار السياسة البوتينية. بعض المحللين السياسيين هنا في موسكو، على ثقة بأن أوباما سعى للقاء بوتين، بهدف ضبط استراتيجية مكافحة "الدولة الإسلامية"، الذي من الواضح أنه فشل فيها، وبطبيعة الحال، فإن معظم الأميركيين يرون أن سياستهم صائبة تجاه سورية و أوكرانية، و توقعوا أن يإمكان أوباما إقناع بوتين بالتخلي عن دعم الأسد، أو إقناع الأسد نفسه من خلال بوتين بالتخلي عن السلطة. أستاذ العلوم السياسية "بافل سالين" تفاءل بهذا اللقاء، باعتباره دليل على بداية اقتناع الغرب باستحالة الاستغناء عن روسيا، ودورها الفعال في حل الأزمات، لاسيما التخلص من التنظيمات الإرهابية، و وفقاً له فإن ما تمخض عنه اللقاء سيعود بالمنفعة على الجميع، و ستحصده الدول المنهكة من الحرب في الأشهر القليلة القادمة. أوافق السيد "سالين"، فقط إذا غير الأمريكان سياستهم، و تخلوا عن رؤيتهم الخاصة للعلاقات الدولية، المبنية على أسس تفوقهم، و بأنهم أسياد العالم، يأمرون هذا بالرحيل فعليه أن يرحل، و يأمرون ذاك بالخضوع و الخنوع فعليه أن يفعل.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024