الأحد 2015-11-15 06:22:32 رأي
فرنسا...لعبة الافاعي..

د. صلاح الدين يونس
ما من شك أن فرنسا الديغولية هي أكثر دول أوروبا تحمسا للوحدة الاوروبية، وفرنسا «الميترانية» هي التي نبهت إلى خطورة «الاصوليات» ومنها الاصولية اليهودية، ومن من المهتمين لا يذكر موقف فرانسوا ميتران في مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا المنعقد في هلسنكي1989حين وجه تحذيره الشديد للغرب بشقيه: الاوروبي الغربي والأمريكي من تماديهما مع التطرف اﻹسرائيلي المتمادي في الاعتداء والعسف والعنف، وأذكر جيدا أنه قال: "إن لم نسارع الى حل المشكلة الرئيسة في الشرق الاوسط" العرب واسرائيل فسوف نجد من يحمل من المتطرفين اﻹسلاميين قنبلة "نووية" نحن صنعناها ويرميها في ساحات لندن وباريس..وغيرهما.."...
لم يؤخذ كلام ميتران بجدية ولم يهمل، لأن ميتران تكلم من موقع المفكر وليس من موقع المسؤول، ومن المعروف عنه إصغاؤه لمفكري فرنسا في المسائل الاستراتيجية...
جاءت الحرب العربية الأطلسية على العراق1991في إثر حماقة من النظام العراقي الذي فاته أن يحسب أهمية النفط في البنية الصناعية الرأسمالية والتي جرت على العراق الويلات، ولم تكن التحالفات الدولية نصرة لشعب الكويت أو حكامه ،فكلاهما لا يساوي عند العالم الرأسمالي الصناعي"عفطة شاة" إنما الذي يساوي هو عصب الصناعة"النفط"...
الحرب الأولى على العراق أطاحت بمشروع ميتران، بل ساهمت في التأسيس لنقيضه، فكانت فرنسا "الشيراكية" قد وقعت في أشراك التحالف مع الأصولية اﻹسلامية، تحت مسمى" يقظة الشعوب".. وخاصة بعد تفكيك الامبراطورية السوفييتية.. وحل منظومة وارسو العسكرية...
وفي إثر الغزو الامريكي الثاني للعراق2003تكتشف فرانسا انها سبقت إلى منابع النفط، وأن غريمها الانجليزي قد أصاب حصة الثعلب الذي يأكل من فضلات سيد السباع"الأمريكي" طبعا
في إثر هذا وذاك يبني الاوروبيون تحالفا مع التنظيم العالمي للإخوان مؤداه:"الثروة مقابل السلطة"وعلى هذا دمرت فرنسا وحليفاتها وبالاموال العربية وبتواطؤ من الجامعة "العربية" ليبيا وكذلك تم تدمير العراق وسوريا واليمن وكانت مصر هي المؤهلة اكثر لان الاخوانيين فيها اكثرعددا. ولهم"شرف التأسيس".لولا يقظة الجيش المصري...وماتزال المؤامرة قائمة...والجامعة العربية ذات المنشأ البريطاني مستعدة للتواطؤ.. فتذكروا قول عمر أبي ريشة...
لايلام الذئب في عدوانه...إن يك الراعي عدو الغنم..
فرنسا في أحداث13-10-2015تحصد الشوك من العنب المتوهم، وفرنسا أكبر زارع ومصنع ومستورد ومورد للعنب ولما ينتج عنه.. لكن الساسة الفرنسيين لم يدركوا أن بين العنب وعصائره مسافة تدعى "تحول الكم إلى كيف تحت شرط معين" وقدعبر عن هذا المتنبي بقوله:
وإن تكن "تغلب" الغلباء عنصرها...فإن في الخمر معنى ليس في العنب..
فرانسا التي احتوت المتطرفين المنبوذين من شعوبهم تدفع الثمن الابتدائي. كمن يضع الأفعى في جيبه أو يربيها في بيته.. فلا يتوهم أنها غافلة عن طبيعتها.. وهي الغدر بالسم..
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها...عند التقلب في أنيابها العطب.
صحتين لفرنسا...نعم إنها الشماته..
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024