الجمعة 2015-12-18 10:15:26 المرصد
انقضاض "الفيلق الرابع" على "سلمى" بات وشيكــاً

ضرب الجيش السوري عدة أهداف بحجرٍ واحد، نتيجة استعادته لجبل النوبة الاستراتيجي بريف اللاذقية الشمالي. الجبل الذي مثّل عقدةً بالنسبةِ إلى الجيش السوري نتيجة سيطرت أفرع تنظيم “القاعدة” عليه، كان بالنسبة إلى هؤلاء مرتكزاً إستراتيجياً للحفاظ وتأمين السيطرة على مدينة سلمى معقلهم في الريف الشمالي، بالاضافة إلى بلدة ربيعة وصولاً حتى طريق حلب – اللاذقية، إذاً استغل المسلحون ذلك على أكمل وجه من أجل مشروع تأمين مربع يحفظ لهم السيطرة، مشروع كان سبباً في وضع المنقطة ضمن خانة التوتر ثم الحرب ثم التوتر حتى الأمس القريب.

وعبر سيناريو عمليات سلسلة وقاسية بنفس الوقت، نجح الجيش باستعادة السيطرة على النقاط العسكرية التابعة للمسلحين على الجبل، على مدى ايام من المعارك الميدانية التي كانت ركيزتها الغارات الروسية وسلاحي الصواريخ والمدفعية السورية، لكن العامل الحاسم كان زحف المشاة نحو النقاط، هؤلاء الذين خاضوا معارك عنيفة نجحوا خلالها بقضم المحاور بشكلٍ أفقي.

صقور الصحراء” كما وحدات من الحزب السوري القومي الاجتماعي واخرى نخبوية من حزب الله وثالثة ورابعة من الجيش السوري والدفاع الوطني شاركت في العملية الحاسمة، اي بمعنى أوضح وحدات “الفيلق الرابع” فعلت فعلها على جبهة قاسية ذات طبيعة صخرية جبلية حرشيّة يصعب فيها العمل العسكري من جهة، ومن جهة اخرى زاد تواجد المقاتلين الشيشان بكثرة على هذه الجبهة صعوبة المعارك.

لجبل الزاوية أهمية إستراتيجية إذاً، إذ يطل على مدينة “سلمى” معقل جبهة النصرة وتنظيم القاعدة عموماً في منطقة ريف اللاذقية الشمالي، والسيطرة على الجبل تعني قطع خط الإمداد بين “سلمىربيعة”، اي عزلهما عن بعضهما. ويعني هذا السيناريو، وفق النظرة العسكرية، تقطيع أواصل خطوط الإمداد وعزل المسلحين في كلتا البلدتين وهو يأتي كتمهيد ناري كمقدمة للشروع بالتمدد عسكرياً نحو المعاقل آنفة الذكر.

التقدم هذا دونه عقبات آخذة في التهاوي شيئاً فشيئاً تلخّص بعدة قرى وبلدات تقع على تخوم “سلمى”. التهاوي هذا يفترض انه بدأ حالياً مع مباشرة قوات الجيش السوري (الفيلق الرابع) بعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على بلدتي الكوم التحتاني والكوم الفوقاني اللتان تمثلان خطاً للدفاع عن “سلمى”. إستراتيجية الجيش السوري تعتمد هنا على التغطية النارية المباشرة والكثيفة، ومن ثم التقدم صوب المحاور عبر المشاة مدعّمين بمدرعات تكون وسيلتهم للاختراق وتنفيذ رميات محكمة عن قرب تُأمّن وتُمهّد التغلغل في الداخل.

ما سهل مباشرة عمليات قضم المساحات على تخوم “سلمى” هو شبه سقوطها الناري. هذا ما يؤكده مصدر عسكري سوري في حديث لـ “الحدث نيوز”، ويضيف: “عملية السيطرة على جبل النوبة وضعت العصابات الارهابية بين فكي كماشة الجيش السوري في سلمى، فلا خطوط إمداد تقليدية كما السابق مفتوحة، ولا مظلة تكفل الحماية من المطر الناري”.

وكشف تقسيم الجيش السوري “سلمى” إلى قسمين بحكم السيطرة على “جبل النوبة”، قائلاً: “إذا أخذنا ان التقطيع شكله عامودي، يصبح لدينا قسم يستطيع فيه المسلحين التمتع بهامش من الحرّية يتركز في جهة يمين قلب المدينة، وقسم ثانٍ خاضع لسيطرة نارية مباشرة من قبل الجيش السوري لا يتمتع به الارهابيون بهامش حركة، وهذا يقع على الجزء اليساري من قبل المدينة، اي الجزء الذي يتقدم نحوه الجيش السوري عبر العملية العسكرية في بلدتي الكوم التحتاني والكوم الفوقاني”.

واعتبرت المصادر أن الجبل يشرف على طريق حلب – اللاذقية التي تمر بجسر الشغور، الأمر الذي يقطع إلى حدّ ما طرق الإمداد عبر هذا الطريق من إدلب، وذلك من خلال السيطرة النارية.

على المقلب الاخر قتحت السيطرة على “جبل النوبة”، خطوطاً أكثر للجيش السوري من اجل تأمين خطوط إمداده وحركته العسكرية وما يُحضّر من خطط في المقبل من الايام. وتفيد معلومات “الحدث نيوز”، ان الفليق الرابع، وضعاً عيناً على أوتوستراد أريحا – اللاذقية، اي الطريق الذي يمر بالسهل نحو ريف إدلب الغربي، وبات تحت مرمى نيران مدفعية الجيش التي باتت تستطيع توجيه إستهدافات مركزة، أما العين الاخرى فوضعها على طريق حلب – اللاذقية التي تمر بدخل مدينة جسر الشغور المحتلة، اي انه فتح ايضاً طريقاً للعبور نحو المدينة في حال إكتمال صورة التأمين الذي سيُمهّد للتقدم نحو ريف إدلب الذي خسره الجيش، الصيف الماضي.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024