الإثنين 2015-06-08 06:39:37 تحليل سياسي
السويداء تحافظ على نقائهاوتكسر قاعدة فرق تسد مرة أخرى

اعتمدت سياسة المستعمر الفرنسي في سورية  على القاعدة الذهبية فرق تسد , حيث عملت على استكمال  تقسيم سورية الطبيعية الذي بدء منذ اتفاق سايكس بيكو ,ومع دخول  طلائع الجيش  الفرنسي  إلى دمشق أصدر قائده الجنرال غورو قرار بإنشاء لبنان الكبير وتقسيم سورية لأربع دول على اسس طائفية وإنشاء ادارة مستقلة في لواء اسكندرون,   تصد الشعب السوري بكل قوة لهذه السياسة وعمل من خلال النضال السياسي والمسلح على مواجهة هذه السياسة العدوانية الخبيثة.

 لم تغب هذه السياسة عن ذهن الدول الاستعمارية , ومع اندلاع حرب تشرين ودخول السادات في مشاريع التسوية مع اسرائيل ولإمرار هذا المشروع بيسر وسهولة   كان قرار تسعير الحرب الاهلية في لبنان , حيث بدأ العمل على  تقسيمه إلى كانتونات طائفية ,و تم مواجهة هذا المخطط وأفشاله بتضحيات القوى الوطنية اللبنانية والجيش العربي السوري والذي انتقل من مرحلة إفشال مخطط التقسيم إلى انجاز مشروع تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي.

لم تتوقف هذه المساعي الهدامة فكانت الحرب على العراق واحتلاله من قبل  الولايات المتحدة الامريكية  والذي طرح العديد من المشاريع التقسيمية على قاعدة انهاء الحرب الطائفية في العراق , وبناء دول تؤمن البقاء والحياة الطبيعية لمكونات الشعب العراقي , ولكن رفض الكثير من القوى الوطنية في العراق لهذا المشروع وتحالفها مع دول الجوار منع تحقيق هذا المشروع , وبدأ العراق يسير في طريق التعافي ولو بوتيرة بطيئة.

كل ذلك لم يقنع القوى  التي تحمل هذا المشروع  التخلي عنه لأن تقسيم المنطقة لكيانات طائفية سيمنح مشروع الدولة اليهودية الشرعية اللازمة وسيكمل المشروع الذي بدأ منذ مئة عام باتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور.

منذ بدء العدوان  على سورية عملت قوى العدوان على   استخدام كل وسائل الحرب النفسية والإعلامية لتشويه الحقائق وفرض وقائع جديدة على الارض تصب في سبيل تحقيق مخطط التقسيم الكبير, وعملت على استخدام مصطلحات الطائفية والحرب الأهلية وحلف الاقليات والترويج لها والعمل على خلق البنى الثقافية والمادية والسياسية والعسكرية لتحويل ذلك إلى حقائق على الأرض .

حظيت محافظة السويداء بالنصيب الأكبر  من هذه الحرب العدوانية باعتباره تنتمي غالبية سكانها لطائفة الموحدين الدروز أحد مكونات الشعب السوري العريقة. وشكل النائب اللبناني وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رأس حربة في ذلك محاولا"  فرض نفسه كشريك في هذا المشروع  والحصول على تفويض بزعامة طائفة الموحدين في المنطقة  و ظهر ذلك من خلال محاولته الضغط على ابناء السويداء وضرورة تخليهم عن دعم الدولة السورية والانتقال للتحالف مع قوى المعارضة السورية ,وعمل من خلال زيارات للأردن على أخذ تعهد من الملك عبدالله بحماية أهالي السويداء من خطر داعش الداهم ولكن الواضح ان الملك عبدالله المنخرط حتى آذنيه في مشروع العدوان على سورية ,هو غير قادر على حماية حدوده من داعش التي تقترب حتى يحمي أهل السويداء, وكانت تجربة أبناء طائفة الموحدين في أدلب مريرة بعد سيطرة جبهة النصرة وتدمير مراقدهم الدينية , وفرض عقائد جديدة عليهم, وإجبار ابنائهم على القتال معهم ضد الجيش السوري تحت تهديد السلاح .

ورغم  التطورات السريعة في الميدان وتعرض السويداء لحالةخطر جدية من خلال تعزيز وجود تنظيم الدولة الإسلامية <داعش> على الحدود الشرقية من السويداء بعد تقدمها في تدمر وحصولها على بيئة حاضنة من البدو الذين ينتشرون حول المحافظة وسيطرة  <جبهة النصرة > فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام على بصرى الشام الشهر الماضي , وترافق ذلك مع حملات إعلامية شرسة تحدثت عن قرب تخلي الدولة السورية عن محافظة السويداء وذلك من خلال افراغ مراكزها العسكرية والمدنية الهامة ونقل كل ماهو ثمين لخارج المحافظة والتي ثبت بدليل القاطع زيف هذه الاقوال.

عملت المؤسسة الدينية في السويداء على التصدي لهذا المخطط الجهنمي, من خلال مباركة تشكيل قوات درع الوطن بقيادة الضابط السوري الشهير نايف العاقل وهي تضم الشباب الذين يريدون الدفاع عن السويداء إلى جانب الجيش العربي السوري, وإعلان الحرم على كل شخص يقوم بتهريب الوقود او المواد الغذائية للقرى تنشر فيها التنظيمات الارهابية, ورفض أي محاولة من قبل اسرائيل لتدخل في الشؤون السورية تحت ذريعة حماية الموحدين.

مرة أخرى ترفض طائفة الموحدين خلع عبائته الوطنية,وتفوت الفرصة على أعداء الوطن, التي طالما دفعت الغالي والرخيصة للدفاع عنها منذ ايام الاحتلال الفرنسي بقيادة سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى , ورفضهم القبول بالهوية الاسرائيلية في الجولان المحتل رغم كل وسائل الترغيب والترهيب التي استخدمها الاحتلال الاسرائيلي في وجه أهالي الجولان المحتل  , ولكن لن تكون هذه المحاولة هي الاخيرة فالمعركة مستمرة وتزداد قساوة ومكرا, والشعب السوري بكل اطيافه هو عرضة  لهذه الحرب , فصمود هذا الشعب ووعيه, سيمنع تفتيت المنطقة وشرذمتها وإدخال شعوب المنطقة  في حروب مذهبية وطائفية قد تستمر لمئة عام .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024