الإثنين 2016-04-04 03:02:20 منبر الإعلام
في تدمر .. على قيد الأمل

مكتب اللاذقية- سيريانديز من طرطوس- سعاد سليمان  
يقول أنه شاهد طيف أبيه هناك في القاعة الكبيرة .. وأنه سمع صوته يقول له : ما الذي جاء بك إلى هنا .. ويقول : قلت بصوت قوي ملأ القاعة المهدمة الجوانب المليئة بالأتربة والخراب مجيباً : جئت لأراك يا أبي .. جئت أطمئن عليك , وأتأكد أنك ما زلت على قيد الحياة .. وفي قيود الوطن سورية .. وأنت الضابط الشريف الذي لم يأخذ , ومنذ بدء هذه الحرب على سورية يوماً إجازة ...
اشتقت إليك يا أبي .. اشتقت لكلماتك تجبرني على الاستمرار , التحقت بالجيش لأعمل على إعادتك إلي أبا يملأ صوته البيت , وقلبي السكينة , ويعيد إليه الحياة ..
ويقسم أنه سمعه هناك في تلك القاعة وسط تدمر بعد انهزام دواعش الخراب منها ..
ويقسم أيضاً : أنه رأى طيفه .. وفرح ..
فإن كان والده شهيدا فقد ارتقى .. وإن كان ما يزال حياً , كما قالت له تلك المرأة البدوية الشريفة عبر أسلاك الهاتف من مكان مجهول , بعد معاناة للحصول على رقمه – كما قالت – هو في خيمة من خيام البدو , وأن هناك الكثير مثله من رجال الجيش العربي السوري في صحراء تدمر المترامية الأطراف .. هم ضيوف أعزاء عندنا .. نعمل على حمايتهم وإخفائهم من عيون داعشية خائنة , فالثمن باهظ , قد يكلفنا حياة الأسرة كلها , أما هم فلن يخسروا رصاصة واحدة .. سلاحهم الذبح بدم بارد .. ولن يتركوا أحدا .. لا طفلا ولا رضيعا ولا حتى امرأة .
في تدمر خرجت قوافل أطياف كانت مستقرة منذ سنين طويلة هناك بين الآثار الشامخة , امتزجت بقوافل الشهداء تبحث عن وطن .. عن سلام .. عن خالد الاسعد الذي وثق بم قدمه لتدمر أن لا يضام ولا يجرح ..فلم يهرب ..  وقد نسي أن للصحراء قسوة الرياح، وغدر الوحوش .. وبقي معلقاً  هناك لأيام فوق عمود نور مطفئ وسط المدينة .. هناك حيث يعرفه كل الناس , كما عرفه العالم في متحفها .. رجل علم وعمل .. هذا الرجل سقط منه الرأس الأشم بسكين غدر .. تدلى وعند قدميه بقي ينتظر ويرنو بعينين دامعتين من هول الفاجعة .. يقول ابنه أنهم لم يتعرفوا عليه .. وهو المحبوب لدى أهالي تدمر والصديق والأخ لهم ,  وقد طالت لحيته وهو في الحجز لأسابيع قبل أن تحكم محكمتهم المتوحشة بقطع الرأس .
من تدمر هربت شياطين الأرض تجر خيباتها ولحاها الملوثة بالدماء , وعند أعمدة صامدة أمام عاتيات الدهر اندثروا .. تلك التي شهدت ومنذ سنين طوال وما تزال  ولادة أجيال , وتعاقب عصور .. وعلى مسرحها الأثري لعب الممثلون أدوارهم بإتقان ..
هنا .. شياطين هدموا , وكسروا , ومثلوا كما رسم لهم وبهم , وعلى منابرهم  في أماكن أخرى أقنعة وألسنة وتجار كلمة يقابلها تجار أعضاء ودين ...
في تدمر .. قام المسيح يوم قيامته الموعودة مجددا الفرح بالنصر .. بالحياة بعد الصلب .
هنا .. تظهر أساطير الأولين حقائق يحكيها شباب يصنعوها بأيديهم ليسمو اسم الجيش العربي السوري في العالم أجمع .. ويحقق مرتبة بين الجيوش واسماً .. وقد كانت سورية بلداً منسياً قبل هذا .. وكان اسمها منطقة الشرق الاوسط .. لتصبح شرقاً مضيئاً في كوكب مظلم .
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024