السبت 2016-04-23 03:45:05 رأي
أربعاء و خميس القامشلي نهاية للإدارة الذاتية أم بداية للفيدرالية

غدير علي.
ضبابية لفت ما حدث في القامشلي يومي الأربعاء والخميس الماضيين، ضبابية بددتها التحذيرات المستمره على امتداد فترة الأزمة السورية من سلوكيات خاطئة لبعض الأكراد سواء كانت استفزازات عسكرية أو كلامية أو تلويحات بالفدرلة والإنفصال بين الفينة والأخرى، ومما لا يدعو للشك أن التمثيل النسبي الخاطئ للأكراد في الوفود المفاوضة أو العاملة في المجال السياسي سواء الحكومية منها أو المعارضة كان أحد أسباب ما جرى، فأغلب الأكراد السوريين مندمجون في النسيج المجتمعي والمؤسساتي وبعيدون عن النزعة الإنفصالية لكن ممثليهم للأسف غائبون عن الشاشات والمؤتمرات والمفاوضات.
ويستحضرني في هذا السياق ما حصل منذ ستة أشهر في مؤتمر أسيتانا 2 مع رئيس تحرير سيريانديز الإعلامي المعروف أيمن قحف، فأن يستطيع أحد إخراج إعلامي يحضر المؤتمر بصفته المستقله عن حفيظته تأكد عندها سيدي القارئ أن الموقف مستفز، حيث تحدث رئيس تحرير سيريانديز في المؤتمر واصفا" التمثيل النسبي المبالغ فيه للأكراد والذي بلغ 40%من الحضور وجلهم مصبوغ بالعقلية الإنفصالية نفسها، وكأن هواجسهم ومخاوفهم الإقصائية من المكونات الأخرى انعكست على واقعهم السياسي وعاشوها فيما بينهم وخطفوا حق التمثيل من الشريحة الأوسع للأكراد والموالية للدولة، علما" أن المكون الكردي لا يتجاوز 8 %من التعداد السكاني في سوريا، وفي اقتباس لسؤال الإعلامي أيمن قحف من مداخلته في المؤتمر وأترك الإجابة عن السؤال مفتوحة: " يوجد في مختلف المحافظات السورية ولاسيما دمشق مئات الآلاف من الأكراد المؤمنين بسوريا ووحدتها ومؤسساتها ويعيشون كأي سوري يتمتع بالحقوق والواجبات ولا يشعر أحد منهم أنه من قومية أخرى، وهناك في مناصب الدولة وزراء ومحافظون ورؤساء جامعات وقادة عسكريون وأمنيون ونواب في مجلس الشعب من الأكراد الوطنيين المخلصين، ألا تعتبرون أن لهؤلاء الأكراد في الداخل أصوات، أليس لديهم الحق في إبداء رأيهم أم أنكم ستقومون بإقصائهم أيضا؟؟.
ودعا الإعلامي المعروف أيمن قحف في صفحته على فيسبوك أمس المسؤولين السوريين الأكراد إلى اتخاذ دور فعال وتفويت الفرصة على الإنفصاليين والمتحدثين عنهم في الداخل والخارج قائلا":   " باعتقادي أن المنطق العقلاني والديمقراطي يقتضي قيام أكراد الداخل ولا سيما عبر ممثليهم في المناصب أن يرفعوا الصوت ضد هذه السلوكيات المرفوضة والنزعة الانفصالية واحتكار الصوت الكردي، واللافت في الأمر أن الإعلامي قحف كان قد سمى بعضا" من مسؤولينا الأكراد في موقف جريء وغيور قائلا":
ليس عيباً أن يتحدث وزير التعليم العالي الدكتور عامر مارديني أو محافظ حمص طلال البرازي أو رئيس جامعة دمشق الدكتور حسان الكردي أو النائب عمر اوسي أو بعض الشخصيات الأمنية والعسكرية بمنطق الوطن والقانون الدولي كرد على منطق الانفصاليين ومشروعهم وممارساتهم،لا بد أن يعرف المجتمع الدولي أن اكراد الداخل وهم الأغلبية-لهم رأيهم المختلف عن الإنفصاليين."
وفي الميدان كانت قد طالعتنا وكالات الأخبار العربية والأجنبية بحوادث أمنية حصلت في مدينة القامشلي تمثلت باشتباكات بين القوات الحكومية السورية وقوات الأمن الداخلي الكردية (الآسايش)، حيث عمدت الأخيرة على حصار المربع الأمني وبعض المنشآت في المدينة والتي تضم مقارا" أمنية سورية ضاربة بعرض الحائط الثقة الممنوحة من الحكومة السورية متناسية حقيقة أن القوات الكردية سواء التابعه لقوات سورية الديمقراطية أو عناصر حزب الإتحاد الديمقراطي PYD التي تقاتل تنظيم داعش تتم بإشراف القوات الحكومية السورية، وإن حزب PYD بذراعه العسكري المتمثل بقوات حماية الشعب  بصفتها المستقلة أو بصفتها فصيلا" منطويا" تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية لم تحقق تقدمها الميداني إلا بدعم لوجستي من الجيش العربي السوري وبغطاء من قوات الجو-فضاء الروسية.
هذا وكانت هيئة الداخلية الكردية أقرت أن ما حدث في القامشلي لم يكن محض صدفة بل جاء نتيجة لتحضيرات تم العمل عليها مسبقا"، ومن مزاعم هيئة الداخلية الكردية "أن الحكومة السورية عملت على تحريك النزعة الشوفينية في القامشلي وخلق الفتنه بين كافة المكونات نتيجة فشل مفاوضات جنيف"، يتحدثون بإسفاف وكأن الدولة السورية تنازلت عن أمومتها لجميع المكونات، وكأنه من مصلحة الدولة أن تتنازل عن أجزاء من أراضيها، أجزاء دفعت ثمنها الكثير وتؤكد يوميا" تمسكها بكل شبر من جغرافيتها. 
وفي البحث عن المستفيد وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة الأميركية من فوق الطاولة رفضها الإعتراف بمناطق الحكم الذاتي للأكراد في شمال سوريا إلا أن الكثيرين يشككون في الموقف الأميركي من تحت الطاولة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى إرضاء الطرفين التركي والكردي بنفس الوقت محافظة على الداعم الأساسي لداعش المتمثل بتركيا وعلى الكرد الذين تسعى إلى تسيير الإنفصاليين منهم تبعا" لمصالحها في زعزعة أمن الشمال السوري وفتح جبهات جديدة في وجه الجيش العربي السوري، ومن المؤكد أن ما عجز عنه القوقازي والباكستاني في سوريا فيما يخص التقسيم لن يتمكن من تنفيذه السوري مهما كانت قوميته أو إثنيته.
وفي الختام هل تكون كلمة أسايش والتي تعني الاستقرار في الكردية، فاتحة اللااستقرار؟
هل يندرج ما حصل في القامشلي تحت مسمى الترف الفكري الناتج عن حمى الإدارة الذاتية، وهل تمتصه سياسة دمشق؟
وهل تقرأ كلمة آسايش من الطائرات الروسية وكأنها آيسيس… ؟

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024