الأحد 2015-06-14 00:28:04 تحليل سياسي
داعش والقاعدة السلاح الأمضى في استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة

تعتبر بريطانية من أكثر دول العالم قدرة على استغلال التناقضات بين الشعوب  وخصوصا الدينية والعمل على خلق تنظيمات قادرة من خلالها على تنفيذ سياساتها والأمثلة كثيرة تبدأ من الحركة الوهابية في نجد إلى الحركة القادرية في الهند فالإخوان المسلمين في مصر, لم تخرج الولايات المتحدة الامريكية عن مسيرة حليفتها بريطانية حيث عملت  على  بناء تنظيم القاعدة لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان والمساهمة في استنزافه حتى الوصول لنقطة اجباره على الانسحاب من أفغانستان وكان ذلك نقطة مفصلية في تاريخ العالم لأنه كان بداية العد العكسي لانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور النظام العالمي الجديد الذي سعى مفكريه في البداية للتنظير لنهاية العالم والتأكيد على زعامة الولايات المتحدة الامريكية والتركيز على خطورة الاسلام المتطرف وتحديده كالخطر الوحيد الذي سيهدد العالم ويهدد زعامة الولايات المتحدة, وقد تحول ذلك إلى صراع معلن بعد أحداث الحادي عشر من أيلول, ساعد الولايات المتحدة على تعزيز سيطرتها على المنطقة بعد ضرب تنظيم القاعدة في افغانستان واحتلال العراق وتدميره, وعوضا عن تراجع تنظيم القاعدة فأنه تابع تطوره وانتشاره بشكل مطرد  ليتوزع  في أغلب المناطق وكان واضحا أن محاربة هذه التنظيمات كانت وسيلة الولايات المتحدة لفرض نفوذها في تلك المناطق والتي كانت للصدفة الغريبة أغلبها مناطق تتمتع بثروات طبيعية كبيرة.

ومع اندلاع الحرب على سورية  استعانى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الخليجين والأتراك بتنظيم القاعدة, لأنهم وجدوا في عناصره القدرة على مواجهة الجيش العربي السوري, ومع تطور الأحداث أنبثق تنظيما أكثر دموية من تنظيم القاعدة وهو تنظيم الدولة الاسلامية الذي تبنى نفس القواعد الايديولوجية لتنظيم القاعدة ولكنه دخل في صراع معها حول مسالة القيادة والمرجعية حيث رفض مرجعية أيمن الظواهري, وأعلن قيام الخلافة الاسلامية تحت راية أبو بكر البغدادي ورغم وجود أسئلة كثيرة حول كيفية ظهور تنظيم الدولة الأسلامية وتمكنه بفترة قياسية من السيطرة على أجزاء كبيرة من سورية والعراق وإعلان قيام دولة الاسلام في سورية والعراق إلا ان الولايات المتحدة بدأت توظف هذا الغول الجديد لصالح تحقيق أهدافها الاستراتيجية, من خلال الضغط على النظام السياسي في سورية والعراق لفك أرتباطهم بالجمهورية الأسلامية الآيرانية وبالتالي تدمير محور المقاومة الذي تعتبره أسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أكثر خطورة من داعش,كما تعمل على تفكيك نظام سايكس بيكو في المنطقة وأعادة صياغة نظام جديد على أسس طائفية من خلال تدمير بنى الأسلام المعتدل الذي مكن كل الطوائف المتعددة من التعايش مع بعضها البعض, حيث تعمل داعش والقاعدة من خلال ممارستهما إلى تعميم قواعد الفكر الوهابي ليصبح من خلال ذلك محمد بن عبدالوهاب هو الأساس وطمس معالم أسلام محمد بن عبدالله , مما يجعل أسرائيل جزء عضوي  وأساسي في المنطقة  ويكمل أخر فصول مشروع بناء الدولة الصهيونية في المنطقة.

 وترى  المملكة العربية السعودية في  تنظيم القاعدة وداعش وسيلة لمواجهة النفوذ الآيراني في المنطقة, وهنا تتقاطع مصالحها مع اسرائيل, وهو مايعكس اللقاءات بين المسؤولين السعوديين والأسرائيلين والتي تحولت إلى العلن, وهذا لا يخرج عن الأولويات والمصالح التركية التي تجد في داعش والقاعدة أداة لتحقيق حلمها في اسقاط النظام السوري والسيطرة على شمال سورية بشكل مباشر ومنع قيام دولة الكردية.

ويدغدغ ذلك أحلام بعض الساسة اللبنانيين الذين يحاولون ايجاد مكان لهم في تحقيق هذه المشاريع التي تمنحهم الدول الطائفية التي فشلوا في تحقيقها عقب الحرب الأهلية اللبنانية بسبب تدخل الجيش العربي السوري في تلك المرحلة.

في حين تلعب  المعارضة السورية دورة زوجة أبو لهب, فهي تصر على الأستمرار في مشروعها الذي هو الأساس الذي يبنى عليه مشروع تقسيم المنطقة  وتدمير سورية تحت شعارات نشر الديمقراطية ومحاربة الديكتاتورية , أما انطلاقا من مبدأ انتهازية وعمالة أو جهل وقصر نظر و حقد لانظير له.

في حين نجد أن التحالف الدولي الذي تشكل تحت مظلة الأمم المتحدة لمحاربة  داعش وتنظيم القاعدة ليس سوى وسيلة للسماح للدول الكبرى بالتدخل في المنطقة, وإطلاق العنان لطائراتها ليس لتدمير هذه التنظيمات في الوقت الحاضر  بل التحكم في طريقة تقدمها وتوسعها على الارض بمايخدم مصالحها وأهدافها وإستراتيجيتها في المنطقة كما حدث في عين عرب.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024