الخميس 2015-06-18 03:40:09 رأي
تغير الموقف الروسي، حقيقة أو وهم؟

 من يعتقد أن روسيا تدافع بهذه الشراسة عن سورية ، فقط للحفاظ على آخر موطئ قدم لها في المنطقة ، فقد أخطأ ، و من عزا موقفها إلى وجود أسطولها في طرطوس السورية ، وقع في نفس الخطأ ، أما من يؤمن بأن نشوب الحروب تفتح أسواقاً جديدة لروسيا لبيع أسلحتها ، فهو لا يرى أبعد من أنفه ، و أقول لمن ينتظر تغيراً في الموقف الروسي ، أنت واهم و إن كل ما ورد في وسائل الإعلام العالمية ، التي تسيطر على معظمها الإمبراطورية الأمريكية ، من تغير الموقف الروسي تجاه سورية ، هو عار عن الصحة ، و نفاه عدد من الخبراء السياسيين الروس المقربين من الكرملين ، و من أصحاب القرار في الإتحاد الروسي .

لم يعد خافياً على عاقل ، أن موقف روسيا من الأزمة السورية ، جاء نتيجة تخوفها من انتشار الإسلام السياسي في العالم ، و خوفها من سقوط سورية في يد التنظيمات الإرهابية، و تقسيمها إلى دويلات صغيرة، متناحرة و متصارعة فيما بينها ، على أساس عرقي أو مذهبي ، لا سيما و أن رئيس الدولة ( فلاديمير بوتين ) ضد الأفكار الراديكالية على جميع المستويات ، ما دفع روسيا إلى الدخول بقوة على مختلف خطوط الأزمة السورية ، بدءاً من الفيتو ، و ليس انتهاء بالمساعدات الإنسانية.

حالة الإستعصاء في الوصول إلى حل ، التي اتسمت بها الأشهر الماضية ، دفعت روسيا إلى الدعوة لعقد حوار (سوري_ سوري) في نهاية الشهر الجاري ، يهدف إلى وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة ، بأسرع وقت ممكن ، و بالطرق السلمية ، من خلال الحوار السياسي بين الأطراف المتنازعة، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ، ووضع حد لنزيف الدم، وتجنيب سورية من أن تكون ملاذاً للعناصر الإرهابية ، ومرتعاً للتنظيمات المتطرفة .

دعوة لم تلق ترحيباً حتى الآن ، من المعارضة بأطيافها المختلفة و المتنوعة ، الذي ازداد بشكل مبالغ فيه ، حتى استعصى على المرء تذكر كل فئاته ، و من غير المفهوم ، أو ، المفهوم جداً ، ميل المعارضة ( إن لم يكن جميعها ، فمعظمها ) إلى السياسة الأمريكية أكثر من الروسية ، و "الإنبطاح " أمام أسياد واشنطن ، مقابل جفاء لموسكو التي دعت و مازالت تدعو ، لتحقيق السلام في المنطقة .

الولايات المتحدة و من لفّ لفها ، مستمرة و متعنتة ، بدعم و تمويل و تجنيد و تدريب ، عناصر التنظيمات الإرهابية ، و لا تنوي تغيير سياستها الخرقاء ، سعياً منها لفرض القطب الواحد ، و هزم الند الروسي ، بالرغم من علمها أن وحش "داعش" لا يمكن ترويضه ، و سيضع سكينه في نحرها ، عاجلاً أم آجلاً .

كلما حمي وطيس الحرب المشتعلة في سورية ، كلما ازدادت العلاقات "الروسية – السورية " رسوخاً و متانة ، وكلما زادت روسيا من دعمها لصمود الشعب السوري ، و صمود الجيش السوري المؤمن بقضيته العادلة ، و بالنصر .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024