الثلاثاء 2015-06-23 14:25:10 رأي
أبغض الحلال في الإعلام.. ويكيليكس

لطالما حذرت زملاءنا في الاعلام السوري ان لاتتعاطوا مع ويكيليكس على انها حقائق يمكن الاستناد اليها، فماهو لك اليوم يمكن ان يكون ضدك في يوم آخر.. عندها لن يتمكن اعلامنا من التشكيك وكشف ما يمكن ان يزيف من وثائق ضدسوريا تحت المسمى ذاته. ثم لا قيمة فعلية لاية وثائق ضد السعودية او اسرائيل مالم يتم توظيفها، وكلنا يعلم انه بوجود امريكا لن يتمكن احد من توظيف هذه الوثائق ضد هذه الدول، في حين المصادقة على صحة هذه المعلومات واستخدامها اعلاميا اليوم سوف يسهل على امريكا عملية توظيف مماثل اذا ما فبركت وثائق ما لادانة سوريا، وسيصعب على الدول القوية الحليفة مواجهة ذلك. ان مثل هذه الويكيليس لا يمكن ان تحدث بهذه الصورة دون صمت امريكا، ان لم يكن رضاها، وحتى لو لم تكن الفكرة امريكية، فان واشنطن قادرة على جعلها من ادوات تحقيق المصالح الامريكية، واستخدامها متى شاءت وتوظيفها حين تستخدم، فواشنطن بتفوقها المتعدد الأذرع تجيد امتطاء الأمواج فتتركها تتلاطم في محيطهاوتحت ناظريها، والا كيف نفسر افلات "اسانج " و "سنودن"من القبضة الامريكية حتى اليوم ..؟ كذلك من السذاجة سياسيا واعلاميا ان يفسر الامر على انه ضغط او انتقام امريكي من السعودية بسبب محاولات التقرب من روسيا، لان ذلك يتعارض مع نظرية التبعية السعودية المطلقة لامريكا، ويجعل من مصطلح "اداة " المستخدم لتوصيف العلاقة الامريكية السعودية مصطلحا ساقطا، وبالتالي منح شخصية اعتبارية لنظام الحكم السعودي، وهذا ما تسعى اليه واشنطن لمساعدة الملوك الجدد على استنهاض دورهم الاقليمي واستعادة توازنهم بعدما تخلخل اثر فشل تحقيق اهداف حربهم على سوريا واليمن وانكشاف "هيكلهم " الوهابي المقيت، ثم ان تلك الوثائق تقدم صورة مؤسساتية لنظام الحكم في السعودية في وقت اظهرت الاحداث انه نظام عائلي فردي قمعي دكتاتوري يحرج الادارة الامريكية. ويأتي "التهليل " المفرط لهذه الوثائق من قبل اعلامنا ليهيئ الأرضية بشكل منسجم تماما مع ماهو مرجو ومتوقع من قبل مستثمر يها . المشكلة ليست في وضوح قيمة ودور هذه الوثائق كما تقول الدكتورة اشواق عباس في اشارتها الى هذا الموضوع، بل في وجود بعض من لا يرغب بأن ان يفهم الحقيقة، وأضيف.. بل من هو غير مؤهل لأن يفهم . أسئلة هامة يمكن طرحها في سياق التفكير الجاد لتفسير ظاهرة الويكيليكس، ربما في الاجابة عليها تكمن كل الحكاية.. ما الذي يحكم تسريبات ويكيليكس، هل يتم نشر كل ما يحصل عليه الموقع من وثائق، ام ان اسانج وسنودن يلعبان (حكرا بكرا) لاختيار ما سينشرانه..؟ ام ان ثمة نهج يتعلق بسياسة بعينها يتم وفقها اختيار الهدف والزمان..! وهل هي سياسة رجلين فارين من القضاء الامريكي، ام هي سياسة دولة كبرى..؟ واي دولة تلك التي تملك مفاتيح خزائن الاستخبارات الامريكية والاوروبية وتخرج ملايين الوثائق عن اشخاص ودول وانظمة حكم، وتعرضها كبسطة خردوات في سوق ساروجة..؟

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024