الخميس 2015-06-25 02:10:51 تحليل سياسي
السعودية... بين حكم سلمان والفوضى

يعمل الملك سلمان على أحكام سيطرته اعلى عرش المملكة العربية السعودية، و يسعى للتخلص من كل الأمراء ومراكز القوى داخل السعودية التي  تشكل خطر على مشروع ولده محمد، والذي سيكون وصوله إلى ولاية العهد إعلان بدأ العهد الجديد في حكم آل سعود. ويصبح  الملك سلمان  المؤسس الثاني للمملكة العربية السعودية.

 يدرك الملك سلمان صعوبة تحقيق ذلك،و رغم تمكنه في  بداية حكمه من أفشال كل الترتيبات التي وضعها أخاه الملك عبدالله  للحفاظ على استقرار المملكة، وإحكام قبضته على مراكز القوى في المملكة. تحت غطاء وابل الصواريخ والقنابل التي تنهال على اليمن حيث تمكن من السيطرة على كل مراكز القوى العسكرية والاقتصادية وتسليم ولده محمد ولاية ولاية العهد في انتظار الفرصة السانحة للإطاحة بأخر عائق لوصول ولده محمد إلى العرش والإطاحة بولي العهد محمد بن نايف الذي مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تحول دون ذلك.

لكن الصعوبات التي يواجهها الملك سلمان في حربه ضد الشعب  اليمني، والاعتراضات الشديدة لأبناء الأسرة السعودية، واحتدام الصراع الاقليمي الذي يحاول الملك سلمان استخدامه كوسيلة للسيطرة على كل مراكز القوى في المملكة، وتسخيرها في تحقيق مشروعه الداخلي, وتفاقم الانتقادات للملكة من قبل العالم في ملف الإرهاب الدولي والمتمثل في داعش والقاعدة والتي تشير كل المعطيات على ارتباطها الوثيق بالمملكة سواء فكريا وماليا وسياسيا ما يزيد من إحراج حلفائها الغربيين أمام الرأي العام الغربي.

مع بداية فوضى الربيع العربي وجدت المملكة العربية السعودية نفسها وجهاً لوجه أمام تسيير شؤون سياستها الخارجية وحيدة، وهي التي اعتادت سابقاً أن تلعب  دور الممول للمشاريع في المنطقة، سواء كانت دولية تحت قيادة الولايات المتحدة أو إقليمية تحت غطاء الجامعة العربية. المشكلة الكبرى هو تخلف العقل السياسي لأولياء الأمر في المملكة، واعتمادهم على  أدوات بدائية في العمل السياسي والدبلوماسي في مزاولة عملهم السياسي، بالاعتماد على شراء الذمم بالمال وتسخير تنظيمات القاعدة وتفرعاتها لتنفيذ سياساتها في المنطقة والعالم. بالتالي  فملوك المملكة  وأمرائها لم يستطيعوا الخروج من عباءة ملوك القرون الوسطى، ومانشرته ويكليكس  لم يكن سوى تأكيدا لحقيقة تظهر يوميا في ممارسة السعودية لسياستها الداخلية والخارجية.

إن السؤال المطروح حالياً، هو حول ماهية أولويات السياسة السعودية: هل هي محاربة النفوذ الإيراني؟ كما تتدعي سياسة المملكة في المنطقة، من خلال الحرب التي تخوضها ضد الشعب اليمني الفقير، ومحاولتها اسقاط الدولة السورية، وتدمير حزب الله اللبناني. ولو كلف ذلك استخدام كل الأرهاب في العالم والتعاون مع الدولة الصهيونية علناً أو الحفاظ على العرش السعودي وإعادة انتاجه بنسختة السلمانية؟

إن قراءة التحرك السعودي في الأسبوع الماضي، وتسريبات لقاء "بوتين محمد"، وحجم الصفقات المليارية التي وقعتها مع موسكو، يظهر لنا أن مافعلته المملكة يصب في صالح مشروعها السياسي الداخلي بالدرجة الاولى، وتأمين المباركة الدولية لانتقال السلطة للأمير محمد بن سلمان, وتأمين مخرج مشرف لها من المآزق اليمني، وورقة ضغط ضد الولايات المتحدة الأمريكية التي تسير في المراحل الأخيرة لعقد الصفقة النووية مع أيران والتي ستعيد رسم التحالفات في المنطقة لو حدثت.

كل ذلك يجعل المملكة العربية السعودية تقف على مفترق تاريخي بين الانتقال إلى عهد جديد، وتحول الملك سلمان إلى المؤسس الثاني لحكم آل سعود، وبين دخول المملكة في فوضى وصراعات داخلية.

.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024