الثلاثاء 2015-06-30 03:12:25 تحليل سياسي
الحرب على سورية.......وتحقق المعجزة الروسية

حملت الفترة الماضية مجموعة من التطورات العسكرية والسياسية على مستوى الداخل السوري والإقليمي والعالمي لولاها لما كانت  زيارة عميد الدبلوماسية السورية وليد معلم وتصريحات القيصر الروسي فلاديميربوتين الذي أكد على استمرار موسكو في خياره دعم الدولة السورية على كافة الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية ووجه رسالة كانت صادمة للجميع بالحديث عن محور مكافح للإرهاب يضم سورية وتركيا والسعودية.

ردة الفعل الأولية لدبلوماسية السورية تحدثت عن معجزات ولكن السؤال هل كان يمكن للرئيس بوتين أن يطلق هكذا تصريح بدون الاعتماد على معطيات واضحة, ان محاولة قراءة المشهد الميداني في سورية والعالمي يشير لنا إلى إمكانية تحقيق هذه المعجزة.

  حيث أكد الواقع الميداني السوري  عدة حقائق:

أولا- أن الانسحابات التي قام بها الجيش السوري من عدة مناطق على أمتداد الجغرافية السورية, لم تكن سوى جزء من خطة عسكرية تعتمد على منع استنزاف الطاقة البشرية للجيش السوري واستيعاب هجوم المعارضة المسلحة سواء في درعا أو أدلب وإعادة تمركز الجيش السوري وفق مواقع دفاعية جديدة تسمح له بأخذ زمام المبادرة وإدخال المعارضة المسلحة في حالة استنزاف كما يحدث في منطقة سهل الغاب الآن.

ثانيا- التحول الكبير الذي حدث في جزء من  المجتمع السوري وانتقال الكثير  من دور المتفرج بل وأحيانا المعارض إلى الداعم للجيش العربي السوري والمشارك معه في العمليات العسكرية وظهر ذلك جليا في معركة مطار الثعلة والحسكة,والانتقال إلى نموذج الحرب الشعبية حيث تشكلت في الفترة الماضية عدة تشكيلات عسكرية تعتمد على القوى الشعبية كدرع الوطن في السويداء ودرع الجزيرة و مغاوير العشائر المكون من أبناء العشائر العربية ودرع الساحل السوري مماعزز صمود الدولة السورية وظهر ذلك جلياً في تمكن الجيش السوري من استيعاب هجوم داعش في الحسكة والأنتقال إلى الهجوم .

ثالثا- استخدام أنواع جديد من الأسلحة أكثر فتكاً ودقة بالإضافة إلى قدرة أستخبارتية عالية مكنت الجيش السوري من اختراق صفوف المسلحين والناتج عن رفض شعبي متنامي لسياسة المسلحين في المناطق الموجودين وهو الذي أدى لنصر ساحق للجيش العربي السوري في مدينة درعا.

رابعاً- سير الجيش السوري وفق استراتيجية ثابتة بدأت من أطلاق معركة القلمون بالتعاون مع حزب الله اللبناني, والعمل على استيعاب مجموعة كبيرة من الهجمات على أمتداد الجغرافية السورية, والتحضير لهجوم جديد كبير لم تحدد بعد ساعة صفره.

تتسارع في الساعات الماضية معلومات تتحدث عن أنجاز  الأتفاق النووي الايراني الامريكي وهو مايعني منح محور المقاومة قوة سياسية واقتصادية ستنعكس أيجابيا على تطوير وتعزيز قوته العسكرية في المنطقة.

أن أضمحلال المشروع العثماني الأردوغاني وفشله في تحقيق الأنتصار المطلوب في الأنتخابات البرلمانية والتطورات الميدانية في الساحة السورية والتي أدت إلى أمكانية قيام دولة كردية في الشمال السوري, ورغم عودة حديث أردوغان عن تدخل جديد مباشر لإنشاء حزام أمني شمال سورية, ولكن الواضح أن هذه السياسة تلقى معارضة كبيرة من المؤسسة العسكرية وهي بداية أعلان تمرد أحد أهم مؤسسات الدولة التركية ضد أوردغانمما يعكس ميزان القوى الجديد, ومن  المؤكد أن المؤسسة العسكرية لن تسمح بقيام الدولة الكردية ولكن حكماً ستكون السياسة المتبعة لذلك هي عبر التعاون مع الدولة السورية ليس عبر العمل على تقويضها.

تعثر المشروع السعودي في اليمن و ضربات داعش في عدة مناطق في السعودية والخليج مما عزز أمكانية اندلاع الحرب المذهبية داخل هذه المجتمعات  ودخولها في نفق الصراع على السلطة جعل من السعودية تضع في أولياته الحفاظ على أستقرار حكم السعودي على أي موضوع اخر وهذا ماظهر في زيارة الامير محمد لموسكو والذي لم يطلب من الروس تغيير سياستهم تجاه سورية.

الخطر الإرهابي المتنامي لتنظيم الدولة الاسلامية وقدرته العالية وتمكنه من تحقيق خرق حقيقي على امتداد الساحات العالمية وتمكنه من توجيه ضربة واحدة في أربع عواصم مختلفة تمتد على ثلاث قارات, مما أوضح سبب قيام أوباما بالأتصال بالرئيس.بوتين وبحث تمدد داعش في سورية, وكلام أحد السياسين الروس البارزيين عن ضرورة صلاة الخليج لعدم سقوط نظام الاسد .

كل هذا يجعل من معجزة بوتين قابلة لتحقق لأن العالم وصل إلى طريق مسدود لمواجهة الإرهاب, فكل القوى والأنظمة التي حاولت أمريكة الاعتماد عليها لمحاربة الإرهاب أثبتت فشله, وتحول كل الأموال المساعدات العسكرية التي قدمتها لتنظيمات المعارضة المسلحة عادة وصبت لدى هذه التنظيمات الإرهابية مما عزز مواقعه في مختلف المناطق.

كل ذلك يجعلنا نعتقد أن الأيام القادمة قد تحمل بداية تحالفات غير معلنة حفاظا على ماء وجه الكثير من الأنظمة التي بالغت في عدائها لسورية وسيظهر ذلك في الأيام القادمة في تغير سلوك التحالف الأمريكي ضد الإرهاب.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024