الجمعة 2015-07-03 02:34:42 تحليل سياسي
المبادرة الروسية .. والمعجزة السورية !!

من يُراقب الأحداث ويُتابع المشهد السياسي والعسكري السورية بكل تفاصيله ، يستطيع ان يصل إلى قناعة مؤيدة بالبراهين الميدانية بأننا أصبحنا في الربع ساعة الأخيرة من الحرب الإرهابية القذرة على وطننا ، كما يُمكن له فك شيفرة الحراك الدبلوماسي المعقدة والمتنوعة الألوان والمتباينة في الأهداف والتكتيك ، حيث يدور النشاط السياسي  حول آلية تظهير الحلقة الأخيرة من مسلسل الحروب الخفية في منطقة الشرق الأوسط ، وربما يتمكن المتابع كذلك من اكتشاف لغز المبادرة الروسية المفاجئة ، القاضية بإنشاء تحالف سعودي - تركي – سوري من أجل مواجهة إرهاب " داعش " واخواتها الذين باتوا يُشكلون التهديد الحقيقي للأمن والاستقرار ليس في سورية والعراق فحسب ، بل كذلك على الساحة الدولية برمتها بما فيها الدول الداعمة والممولة لهذه التنظيمات ذاتها ، سيما بعد أن تمكنت من الانفلات من عقالها والخروج صراحةً عن سيطرة تلك الدول التي رعتها طيلة الخمس سنوات الماضية وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب وعملائهم في المنطقة ، وفي رد لـ  " شيخ " الدبلوماسية السورية السيد وليد المعلم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السوري على هذه المبادرة أثناء المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الروسي في موسكو ، قال : " يُريدون أن يكونوا حلفاء على حساب دمنا ،غريب أن القاتل والصانع يُصبح مواجهاً للإرهاب ، ورغم ذلك نحن نفوض الرئيس بوتين بالمتابعة وننتظر معجزة .." .

  الحقيقة إن المبادرة الروسية لا تُعبر عن معجزة ستقوم القيادة الروسية بصناعتها وتعميمها ، رغم أن الرئيس بوتين هو رجل المعجزات ( كما وصفه المعلم ) ، بقدر ما هي انعكاس واضح ونتيجة موضوعية لمعجزة سورية بامتياز ، تمكن الشعب السوري وجيشه الوطني وقيادته السياسية من فرضها على مدى أكثر من أربع سنوات متواصلة في مواجهة حرب الإلغاء والتدمير ، معجزة الانتصار لمبدأ الدولة وحماية مؤسساتها الرسمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ومواجهة حرب كونية تُشارك بها أكثر من ثمانين دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الدولة السورية ، هذه المعجزة تحققت بفضل وعي الأغلبية الواسعة من الشعب السوري ، وبموازرة الحلفاء المخلصين في قوى المقاومة اللبنانية وإيران ، ودعم متواصل من الأصدقاء الروس والصينيين ومجموعة دول البريكس .

  كما يُقال في السياسة لا مكان للصدف ، ولا تأثير للعواطف ، وفي الحروب لا بدّ من نهاية يُحدد تاريخها ونتائجها المنتصر ، ومن خلال قراءة متأنية يُمكن أن نستنتج بأن ملامح انتصار سورية ومحور المقاومة بدأت تلوح في الأفق القريب بالرغم من صعوبة وقساوة المعركة في الفترات الزمنية التي تسبق إعلان النصر ، وفي إجابته لسؤال استفزازي من مذيع قناة روسيا اليوم : سورية كانت لاعب إقليمي مهم ، يُقال اليوم بأنها أصبحت ملعباً ؟ رد السيد وزير الخارجية وليد المعلم : " حتى في لعبة كرة القدم هناك استراحة بين الشوطين ، يستأنف بعدها اللاعبون المباراة ، نحن الآن في فترة الاستراحة ، وسنعود للشوط الثاني لنلعب ..." في الواقع على ما يبدو لقد انتهت الاستراحة ما بين الشوطين اعتباراً من تاريخ لقاء المعلم بالرئيس " بوتين " ، وستبدأ اللعبة من جديد ، وإن المشهد على أرض الواقع يُنبئ بنمط جديد من المناورة واللعب سيقلب الواقع رأساً على عقب وسيُغير النتائج النهائية خلال أشهر قصيرة إن لم يكن أيام .

  أعداء سورية اليوم يواجهون حالة من التخبط والضياع في صناعة القرار وهي صورة تؤشر لفقدان الثقة بالوصول إلى نتيجة تُلبي غرورهم وتُرضي أسيادهم ، فالسلطان العثماني يُلملم خيبة هزيمته الانتخابية وفقدانه دفة السفينة في بلدٍ تجاوز الفكر السلجوقي المتخلف ، وملك الزهايمر وصبيانه يبحثون عن مخرج من المستنقع اليمني الذي أنهكهم دون تحقيق أية نتائج تعويضية ، وملك الكوبوي وأسياده الصهاينة فقدوا الأمل بحزام أمن بعد أن تحولت " عاصفة الجنوب " إلى نسمة عابرة روضها أبطال الجيش العربي السوري ، وسحقوا أدواتها تحت أحذيتهم التي هي أشرف من تيجان كل الملوك والأمراء العرب .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024