الإثنين 2018-03-26 01:12:55 أخبار سورية
بعد الانتصار على الإرهاب.. على مفرق حرستا ناطر زورك يا بيتنا

على مفرق مدينة حرستا جلس الشاب مروان داني مكي على كومة من الحجارة والتراب مستظلا بشجرة صغيرة مثقلة بالغبار يرقب بانفعال شديد لحظة استكمال خروج حافلات تقل مسلحين وعوائلهم من المدينة باتجاه ادلب قبل إعلانها خالية من الإرهاب.

حرستا ليست مسقط رأس مروان وإقامته فيها كانت زيارات مغترب توزعت على أربع سنوات قبل الحرب يأتي من بلاد الشمال البعيدة الباردة بريطانيا حيث ولد لينضم إلى باقي افراد العائلة التي اختارت ان تضع رصيدها الذي جنته من تعب السنين في ارض الزيتون حرستا وتشيد منزلين في المنطقة الواقعة ما بين حيي العجمي والحدائق.

الشاب مروان المتدفق بحديثه عن حرستا كنبع رقراق التقته سانا في لحظات خاصة تعطلت لغة الكلام عنده وهو يشهد انتصار مدينته “لا أستطيع وصف شعوري.. سنوات وانا التزم الصمت.. اتشوق لرؤية بيتنا ومعرفة ماذا حل به” وبنبرة حزن يحدد موقع البيت جوار مشفى البشر بالقرب من حي العجمي “في الأشهر الأخيرة أصبح خط تماس ومنطقة اشتباكات بعد هجوم الإرهابيين على مبنى ادارة المركبات”.

يعاود مروان التفاؤل وهو يراقب الحافلات التي تخرج تباعا واحدة تلو الأخرى من حرستا وتتوقف على الاوتستراد الدولي في شريط طويل مستذكرا رحلاته إلى الوطن وزيارة حرستا كل سنة حتى نهاية عام 2012 حيث الوضع لم يعد يحتمل بعدها “أصبحت حرستا مدينة مغلفة بالغموض .. كل حارة منعزلة عن الأخرى .. مسلحون ينتشرون في الشارع قلة منهم يمكن التعرف عليهم” يتابع مروان مستحضرا تلك الاجواء المخيفة “في أحد أيام الجمعة كنت في سوق حي الثانوية برفقة والدتي وأختي رصدت نحو 400 شخص.. قطاع طرق “يحملون” سكاكين وسلاحا .. وملثمين رفعوا حواجز قبالة حاجز للجيش من بضعة جنود لاستفزازهم”.

بألم يروي مروان ما عانته عائلته من التهجير تاركة بيت العمر وراءها “جدتي 81 عاما اضطرت للعيش بالاجار وخالتي كذلك .. أغلبية اهالي حرستا سعداء بما آلت اليه الامور وان الدولة في النهاية على حق .. أناس كانوا يعدون اغنياء استأجروا في أماكن لم يكن في واردهم يوما ان يعيشوا فيها وينتظرون من سبع سنوات انتصار الجيش ليعودوا ويبنوا حرستا وانا واحد منهم” مؤكدا ان علاقته بحرستا لن تتغير حتى ولو كان بيته كومة أنقاض ويقول ” حرستا مدينة جميلة “.

يتنهد مروان مع اكتمال عملية خروج الحافلات وقرب انطلاق القافلة إلى إدلب شمال سورية مستذكرا كيف عاد الى الوطن عام 2013 في أكثر مراحل الحرب خطورة “وصفوني بالمجنون” متسائلين كيف اترك بريطانيا مسقط رأسي وأعود إلى سورية والرد كان دائما “الارتباط بالارض والناس والحياة والتاريخ بالنهاية أصلي سوري”.

وقبل أن يترك المفرق يقول مروان “سعيد لان الجيش سيدخل حرستا والدولة ستعود وفرضنا الحل الذي اردناه والدولة انتصرت لانها على حق .. هذه أسعد لحظات حياتي” يشير بيده الى القافلة التي انطلقت باتجاه ادلب شمال سورية بينما علت هتافات الجنود في المكان بصيحات النصر “هذا آخر ظهور لمسلحي حرستا .. نهبوا وسرقوا .. واتخذوا الاف الناس دروعا بشرية.. سنعمر المدينة ليس هناك اغلى من ارواح الشهداء الذين ارتقوا على أرض حرستا”.

تتموضع حرستا على بعد 5 كم إلى الشرق من دمشق على الجهة الشرقية للطريق الدولي دمشق-حمص والذي يربط العاصمة بالمحافظات الوسطى والشمالية وتأتي بعد دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية وعدا عن كونها منطقة زراعية اشتهرت سابقا باحتوائها أجود اصناف اشجار الزيتون الا انها شهدت نقلة اقتصادية بتواجد كبرى شركات تجارة السيارات والمعامل وشركات متوسطة ومتناهية الصغر في الصناعات الغذائية.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024