الجمعة 2015-07-10 13:13:08 تحليل سياسي
الوقواق "الداعشي"... بين سُلطة الدِّينْ ودِين السُّلطة!

لا يخفى على باحث حصيف أن الإسلام مذ قام تأسّسَ ديناً سياسياً (دين دولة) ليقيم (دولة دينية إسلامية)، وليس أدلّ على ذلك من نشر الدعوة بالسيف.. لذا، وإلى جانب أمجاد الدولة وفضائل انتظام المجتمع في كيانٍ سلطوي منظّمٍ حلَّ محلَّ سلطات القبائل البدوية المتناحرة، فإنه كان من الطبيعي أن تولد في هذه البيئة كل أنواع الرزايا والخطايا جرّاء هذا المزيج بين السلطة الدنيوية تحت راية الدين والسلطة الدينية تحت راية السياسة والمزاج البشري.. ومهما حاول أرباب المِلل والنِّحَل في الإسلام الدفاع عن معتقداتهم بتجريدها من أثواب السياسة والسلطة فإنهم لم ولن يتمكنوا من الخروج من شِباك التطيُّف الذي هو واقع حال (دولة الإسلام وإسلام الدولة).. فالدولة والإسلام روحان في جسدٍ واحدٍ محكومان بالموت إن فُصِل أحدهما عن الآخر.. وكلاهما يعيشان على قلبٍ واحدٍ هو الطائفية التي من الطبيعي أن تُستولَدَ منها المِلَلْ والنِحَلْ على أيدي الباحثين ومُفَذلكيّ الحُجج بهدف تقويض سلطة الآخر لأسباب ظاهرها خلافي فلسفي وباطنها خلافي سياسي، أو لدحض حجج الآخر بذرائع جدلية فلسفية، وما مظاهر الملل والنحل والطوائف سوى وجوهٌ للمآرب الإصلاحية أوالمصالح السلطوية... ما رميتُ فيما قلتُ إلا إلى أمر ذلك النفر من الناس الذين ما زالوا يصرّون على أن رهط "داعش" يمثلون السنة.. بل إني قصدتُ إلى تأكيد الحقيقة التي لا تخفى على العاقل من أن الموروث الطائفي والمذهبي لـ(دولة الإسلام وإسلام الدولة) هو أشبه بطائر الوقواق الذي لا يبني عشّاً بل يبيض بيضةً واحدةً في عشٍّ من أعشاش الطيور المجاورة، وحالما تفقس هذه البيضة يقوم فرخ الوقواق بحكم غريزته وحتى قبل أن ينبت ريشه بدحرجة وقذف بيوض أصحاب العش خارجاً ليستأثر بخدماتهما دون أن يدريا أنه ليس فرخهما.. إن الحاضنة (السنّية) التي احتضنت وغَذَّتْ هذا الـ"داعش" فرخ فصيلة (الوقواق) "الصهيو-وهابية"، ما كانت لتنخدع أو تغيب عنها الحقيقة لولا غَلَبَة (إسلام الدولة) على (دولة الإسلام) عبر تحويل المجتمع إلى الطبع الغرائزي بمحاصرته بأحكام (التفسير والتأويل) للنص المقدس (إسلام الدولة) و(فتاوى السلطة) التي تغلق باب الاجتهاد وتمنع المجتمع من الاحتكام إلى العقل، وكذلك ما كانت هذه الحاضنة (السنيّة) لتسمح بنمو هذا "الوقواق الداعشي" لولا ثقافة التكفير التي كرّسها سلاطين "دولة الإسلام" لتكون أساس الحكم بالاستناد على "إسلام الدولة"، وها نحن نعيش نتاجَ هذا النهج في ظل مخاطر الفكر التكفيري "بالذبح جيناكم"، التي تفوق بأضعافٍ مخاطر السلاح المستخدم في الإرهاب التكفيري، بعد نجاح إسلام الدولة على أيدي الوقاويق الصهيو-وهابيين في قلب المفاهيم من منطق (النضال الوطني) إلى مستنقع (الجهاد من أجل الحوريات).. وعليه.. لا بد من متابعة الجهود لسحق "الوقاويق" وبيوضهم في الاعشاش الحاضنة، وحرق زرعهم وتجفيف ضرعهم ريثما يتسنّى لمجتعماتنا أن ترى الصورة بوضوح وتنجلي لها الحقيقة..، فيعود الوعي إلى عقول أبناء (الحاضنة السنيّة) الغافلين الذين تبدو نسبةٌ منهم -لا يمكن إغفالها- تائهةً بين الوهم والحقيقة تحت تأثير الخديعة (الوقواقية) "الصهيو-وهابية".. حينها فقط يمكن أن يموت الوقواق الداعشي بأقل التكاليف حيث تنقطع موارده وتنضب مراضعه ويَعْقُمَ وينقَرِضَ نسله التكفيري.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024