السبت 2015-07-11 09:16:21 تحليل سياسي
الحرب على سورية....والعامل الإسرائيلي

منذ بداية انطلاق مشروع الكيان الصهيوني بعد مؤتمر بال بسويسرا عام (1897)وتناغم مشروعه مع مقرارات مؤتمر كامبل بنرمان في بريطانيا عام (1905- 1907), كان يدرك الجميع أن هذا المشروع لايمكن له النجاح في المنطقة إلا بعد إعادة أنتاج الهوية الثقافية لمنطقة المشرق العربي وإعادة تقسيمها.

جاءت اتفاقية سايكس بيكو لتأمن الأطار القانوني لوعد بلفور, واستمرت محاولات تنفيذ ذلك المشروع بإعادة التقسيم المقسم لكانتونات طائفية بحجة حماية الآقليات التي تنبهت لهذا الفخ وعملت بالتعاون مع شركائهم في الوطن على إفشال ذلك فكان إلغاء القرارات التي قسمت الدولة السورية لأربع كانتونات طائفية بعد احتجاجات عديدة على ذلك,لم تستطع الدول الراعية للمشروع الصهيوني من تحقيق سوى الجزء الأول من المشروع  في نصف القرن الماضي وهو تثبيت الدولة القطرية.

 ستون عام فيما بعد فشلت الدول القطرية في بناء الدول الوطنية أو تحقيق المشروع القومي, ففشل وأفشل المشروع القومي والوطني القادر على الوقوف في وجه المشروع الصهيوني والمصالح الأوربية والأمريكية في المنطقة, وأزدادت معدلات البطالة والفقر والشعور بالتهميش الأجتماعي مما أدى لتنامي الهويات المحلية على حساب الهويات الوطنية وبنفس الوقت سيطرة الفكر الديني المتطرف على القواعد الشعبية, مما ساعد أصحاب مشروع الدولة اليهودية من تحويل الصراعات التي نشبت تحت مسمى الربيع العربي إلى صراعات داخلية تستنزف الدولة الوطنية وتدمر بنيتها السياسية, وتعيد إنتاج هوية المنطقة على أساس الفكر الطائفي والمذهبي, وتلعب التنظيمات الإسلامي المتطرفة ممثلة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية هذا الدور مما يفسر تعاونهم المنقطع النظير مع الدولة الإسرائيلية.

يدرك أصحاب مشروع الدولة اليهودية أن محاولاتهم الماضية فشلت في لبنان أبان الحرب الأهلية عام (1976) وفي العراق عقب احتلاله في عام (2003) بسبب تمكن الدولة السورية بالتحالف مع القوى الشعبية الرافضة لهذا المشروع من تأمين بيئة مناسبة لأحتضان القوى المعادية للمشروع وتأمين تنسيق إقليمي يمنع تحقيق ذلك المشروع .

ولذلك عملت اسرائيل منذ اندلاع حريق الربيع العربي على تجهيز كل البيئات المناسبة لدعم إندلاع هذا الحريق في سورية من خلال الحرب النفسية والدخول في بازار توقعات السقوط بناء على تقارير مفبركة وتصريحات على أعلى المستويات, والعمل على فك ارتباط الدولة السورية والجيش العربي السوري  بحواضنه الشعبية وتطييفه وأثارة الرعب في قلب طوائفه كما فعلوا في السويداء وحمص وحلب والعمل على استنزاف المقاومة وضرب حواضنها الشعبية .

وفي نفس الوقت العمل على تقديم الدعم الكامل لفصائل المعارضة السورية مهما كان الإطار الذي تقاتل تحت رايته سواء بصواريخ مضادة للدروع أو مضادة للطائرات متجاوزين كل الخطوط الحمر, ومختلف أشكال الدعم اللوجستي على مختلف الصعد وما تحدثت عنه ويكليكس ليس سوى غيض من فيض وأغلب قوى المعارضة السورية الخارجية منغمسة في هذه المشاريع وخصوصا أن أغلب هؤلاء المعارضين ينتمون لمؤسسات بحثية ترتبط بمراكز قرار أصحاب مشروع الدولة اليهودية.

أن تدمير الدولة السورية سيعني أنهاء آخر نظام جمهوري علماني في المشرق العربي وهو ماسيعني حكماً الأنتقال إلى الدولة الدينية وتكريس حالة الطائفية, ومنح الدولة اليهودية حق الحياة والقيادة بإعتبارها تصبح مركز المنطقة وتتحقق نبوءة شيمون بيريز بالشرق الأوسط الجديد كما تحققت فيما سبق نبوءة تيودور هرتزل في قيام الدولة الأسرائيلية.

لا أحد الآن يستطيع تحديد النتيجة النهائية لهذا الصراع الممتدد منذ زمن طويل والمعركة الآن ليست سوى أحدى الجولات  لهذا الصراع الطويل  والأشتباك في ذروته وكل الأطراف مازالت تملك الرغبة في القتال والمخزون الكافي للآستمرار في هذا الصراع الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية. 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024