الأربعاء 2015-08-12 00:05:12 شباب في السياسة
تسييس الدين... الوجه الأول للإرهاب

تسييس الدين... الوجه الأول للإرهاب
نورا عبد الله – خاص سيريانديز
في العصر الذي نواكبه اليوم، طرأ عليه الكثير من التغيّرات، فانقلبت موازين الفكر و أصبحت مجريات الأحداث الإقليميّة و العالميّة لا تصدّق لكثرة المشاكل التي تحويها، ضمن تلك المشاكل و الصعوبات التي تعاني منها الدول بأجملها ظاهرة "تسييس الدين أو تسييس الإسلام".
الإسلام ليس كلمة صغيرة و إنّما قاموس من الأفكار و القيّم، أردتُ هنا التشبيه لتصوير الكلام الذي سأطرحه.
الإسلام هو الدين الذي جاء برسالة للإنسانيّة جمعاء، تدعو إلى نصرة الحق و العدل لأنّه حارب التقوقع و الانغلاق و العصبيّات القبليّة و كذلك كرّم العلماء فكان شموليّاٌ من حيث كونه منهاج عمل معرفي و تربوي و مشروع لحياة إنسانيّة كريمة تأبى الظلم.
نعم، هذه الرسالة الإنسانيّة للإنسانيّة بأكملها وهذا الإسلام الذي يحتوي مبادئ ساميّة و أطلق عبارة "سماحة الإسلام".
لكن للأسف برغم وضوح المبادئ والقيّم الإسلاميّة، هناك من يخلق المشاكل و يبحث عن ثغرة ليُنتج نفسه منها و يأتي بكومة من الردم الذي يقبع بداخله، لأُكمل الفكرة، يظهر لدنيا نوعان من الاتجاهات الإسلاميّة:
الأولى: مناهضة للظلم و الاستبداد.
الثانيّة: منغلقة خاطئة تغذيّها مفاهيم و أفكار دخيلة على مبادئ الإسلام جعلها تخوّن و تكفّر من لا يتفق مع ممارساتها و ترتكب أفعالاً تتناقض مع سماحة الإسلام.
تم استثمار الدين الإسلامي من قبل الكثيرين و استخدامه كبرامج كلاً وفق أفكاره و أهدافه و مصالحه.
بعض الأنظمة العربيّة استغلّت الدين الإسلامي كبرنامج للتطبيع و فتح العلاقات السياسيّة والاقتصادية مع الامبرياليّة الأمريكيّة و الصهيونيّة الاستعماريّة.
وقفت الولايات المتحدة الأمريكيّة مع الإسلام تحت شعار "محاربة الإلحاد و المد الشيوعي".
بعد ذلك انقلبت الآية فقد صرّحت الولايات المتحدة الأمريكيّة بأن العرب و المسلمين محكومون لعقليّة إرهابية مصدرها "الدين الإسلامي و ثقافته", و هذا الاتهام ليس جديداً، بل ينطلق من أساس التشكيك من قبل خلفيّة غربيّة أمريكيّة استعماريّة ثابتة بمصادر و قوة الحضارة العربيّة و الإسلاميّة و هويّتها الإنسانيّة التي ترافقت مع الحروب الصليبيّة و انتشار ورم الأفكار العنصريّة الغربيّة القائلة:
بصراع الحضارات و تخلّف الحضارة العربيّة الإسلاميّة و عدوانيّتها و هي ذات الخلفيّة التي وسمت النضال التحرري العربي و الإسلامي "بالإرهاب".
مما جعلها تعطي لنفسها الحق في إصدار الأحكام التي لا أساس لها و ترفض الدعوات العربيّة و الإسلاميّة الجادّة للبحث عن هويّة الإرهاب و ضرورة التمييز بين النضال التحرري و الإرهاب أياً كان مصدره.
الإمبرياليّة الأمريكيّة تخلق الإرهاب و ترمي صنعها على الشعوب الأخرى صناعتها الفاشلة بما تحويه من بشاعة و خسّة و قذارة أنتجت مجموعات وفق الخطط التي وضعتها، تم تدريب هذه المجموعات و تنشيطها، و كأنّها وحوش بريّة ليس فيها أي قيّم إنسانية أو حتّى بشريّة، مدرّبة على القتل بكافة أشكاله، مسيّسة و كأنها روبوت و يدٌ خفيّة تتحكم بتلك المجموعات القاتلة.
صناعة الولايات المتحدة الأمريكيّة  ليست وليدة أحداث 11 أيلول، لا طبعاً، و إنّما منذ نشأتها وضعت خطط جهنّميّة لتغزو العالم و تحطّم الشعوب و الدول و تنتهك الحضارات و تقضي على الأسس والقيم الأخلاقيّة و تدمّر قارات بأكملها.
أريد هنا أن أطرح فكرة مهمّة "من وُلد على إبادة شعب بكامله سيُكمل طريقه على نفس المسار".
الإمبرياليّة الأمريكيّة و الصهيونيّة الاستعماريّة و الدول الأوروبيّة النازيين جميعهم شاركوا في قتل و إبادة و تصفيّة شعوب بكاملها.
من الهنود الحمر إلى السود إلى الفلسطينيين، هؤلاء منهم من تم إبادته بالكامل و قسم تم تصفيته و قسم ما زال يعيش و يعاني تفرقة عنصريّة لولا طرح أفكار المساواة و اللا تفرقة من قبل "مارتن لوثر كينغ" و "نيلسون مانديلا"، و القسم الأخير تتفنّن الصهيونيّة النازيّة في اضطهادهم و النيل منهم و طردهم من أراضيّهم و إبادتهم بطريقة بطيئة عن طريق زرع الأمراض فيهم في المعتقلات و السجون و هدم البيوت فوق رؤوسهم و تجريب الأسلحة المحرّمة فيهم.
أيُعقل أن لا نُسمي كلَّ هؤلاء إرهاب!
أيُعقل أن يطرحوا مسمّاهم على الشعوب القوميّة و الوطنيّة!
دول و شعوب ذات مبادئ و قيّم عروبيّة تحملُ الآلام القوميّة والوطنيّة على ظهرها ولا ترضى التبعيّة والرجعيّة تُسمّى إرهاب!
بينما من وُلدَ على أساس الإبادة والقتل بكافة أنواعه، واحتلال أرض وسحق سكانّها لا يُسمّى "إرهاب"، وأضيف لهم الرجعيّة العربيّة  فهي تسيرُ مع موكب الدول المنتجة للإرهاب، لأنها شاركت في نزف وهدر دماء إخوانها وكسرت الجدار العربي الحصين وقطعت الشريان الدموي العربي لأجل مصالحها و أهدافها.
ما العلاقة بين الإسلام والعروبة؟
الإسلام والعروبة بمثابة الروح و الجسد، فإن تخلّت الروح عن الجسد لا مكان للحياة و العكس صحيح.
فقد أثر الإسلام في بلورة الشخصيّة و الهويّة السياسيّة و الحضاريّة للأمّة العربيّة بمكونه الروحي و كذلك بعوامله الداخليّة التي يستمدها من قابليّته لمواكبة العصر عبر الفكر الاجتهادي و فقه الدين.
والدليل على ذلك الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة التي أطاحت بحكم الشاه فحققّت أهداف واقعيّة أطاحت بكافة أشكال التسويّة و التطبيع.
الإسلام أثر في بلورة مسار الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، أوضح الهدف، وأزال كافة الأسلاك الشائكة التي أرادت الدول النازيّة أن تضعها في طريقها.
أؤكّدُ على ضرورة التلاحم العربي، إنَّ أهميّة تلاحم قوى التحرر العربي والإسلامي وصياغة برامج عمل مشتركة على أرضيّة المصلحة الواحدة في نهوض الأمّة العربيّة والإسلاميّة وتجنيد طاقاتها وقواها في معركة المصير المشترك و التصدي لهذا الواقع المرير وتحطيم الهجمة الصهيونيّة الهادفة والأمريكيّة الممارسة والغربيّة النازيين، ودفن المفهوم المطروح و إزالة جذوره لكي لا تنبت منه أيّة بذرة سيئة لأن الذي أسّس الإرهاب و هذا قصدي في دفن المفهوم المطروح سيتمُ دحره.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024