الأربعاء 2015-08-11 17:39:15 تحليل سياسي
الحرب في سورية... والأزمة في الرياض

لا تكل المملكة الوهابية ولا تمل من محاولات الظهور بمظهر القوي أو المتماسك القادر على فرض شروطه، تحاول بذلك إخفاء ملامح أزمتها بل ورطتها العميقة في اليمن وورطتها في ارتداد "دواعشها" إليها . موقف نظام بني سعود هذا غدا سبباً أساسياً في امتداد السخونة واتساع رقعة الإرهاب لتطال "لحى" أمراء بني سعود وشيوخهم الوهابين في نجد وتطال شمالاً طرابيش السلطان العثماني و أزلامه، وتكاد تطال جنبات المليك الانجليزي عبر تدمر. منذ أيام سربت صحيفة الحياة عن مصادر وصفتها برفيعة المستوى ،أن السعوديين التقوا اللواء علي مملوك في جدة في السابع من حزيران الماضي ،وأن السعوديين عرضوا خلال هذا اللقاء مبادرة تشترط "وقف دعم المعارضة مقابل إخراج عناصر حزب الله وإيران وميليشياتها ليكون الحل (سوريا – سوريا)، ثم تجري بعد ذلك انتخابات برعاية أممية" ،لتمثل هذه المبادرة اعترافا صريحا بدعم الارهاب. واليوم يردد وزير خارجية نظام بني سعود الموقف العدائي الشخصي للرئيس الأسد ،ما كشف دوافع موقف نظامه أمام الروس وبدا جلياً أنه ما من دافع سياسي وراء دعم الإرهاب في سورية وما من هدف إلا الانتقام من الرئيس الأسد لكشفه تخاذلهم. فخلال المؤتمر الصحفي قال "الجبير" أنه تحدث إلى لافروف عن أهمية توحيد موقف المعارضة السورية، لكن وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف رد على ذلك أثناء إجابته على سؤال إحدى الصحفيات بأن روسيا ليس لديها خطة أو نية لإجراء لقاء للمعارضة السورية أو حتى لبعض قادتها، وإن ما يجري هو اتصالات فردية مع بعض شخصيات في المعارضة. "الجبير" تحدث بحذر شديد أثناء المؤتمر فهو يعي خطورة الخطأ مع الروس ،فقبله رحل كل من أخطأ بحق روسيا سواء أمير قطر وتابعه أو سلفة فيصل وابن عمه بندر، فأقر بأن ثمة مصالح تجمعهم مع روسيا منها السياسية والاقتصادية، وقال بأننا بحثنا الأوضاع في سورية وأهمية إيجاد حل سياسي، وان موقف النظام السعودي لايزال يرى أنه لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سورية، وقال إننا تحدثنا عن الأزمة في اليمن.. النقطة الوحيدة التي تجرأ الجبير على القول بأنه لقي توافقاً مع الروس بشأنها هي إعادة تفعيل عملية السلام مع العدو الصهيوني وكيفية إقامة دولتين، معبرا عن جزيل شكره لهذا التوافق، فهو يبرر الى حد ما أمام الروس موقف السعودية المتوافق كليا مع اسرائيل والذي لم يعد سريا بعد بروز كثير من مظاهر التعاون السعودي الاسرائيلي ولعل آخرها التنسيق والتشارك في قصف اليمنين بالطائرات الاسرائيلية الممولة سعوديا. وعندما نفى "الجبير" إمكانية الوجود إلى جانب سورية في مكافحة الإرهاب، أكد لافروف أنه من البديهي مشاركة الجيشين السوري والعراقي في محاربة الإرهاب الذي يغزو بلديهما. يرمي بني سعود بالاصرار على موقفهم هذا الى الايحاء بوجود محددات مستقلة لموقف النظام السعودي بعيداً عن الموقف الأمريكي الذي دفعهم الى تبني تمويل وتسليح الحرب على سورية مقابل تحقيق أحلامهم بالتخلص من الرئيس الأسد، وكذلك الانتقام من الموقف الأمريكي حيال إيران الذي كشف مراكز القوى إقليمياً، وعرى ضعف مملكة الرمال وعجزها عن مواجه أي أمر سياسي أو عسكري دون اسناد امريكي اسرائيلي على الرغم من الترسانة العسكرية الهائلة التي دفعت ثمنها من قوت شعب نجد. صعوبة الاعتراف بالهزيمة أدى بنظام بني مسعود الى اتخاذ قرارات ورطته بأزمات متتالية بدءاً من ارتداد الإرهاب داخل المملكة الى تداعيات الاعتداء على اليمن وما قد يترتب على ذلك من نتائج تمس مستقبل وجود بني سعود أنفسهم، وغدت الحرب التي تواجهها الدولة السورية في الميدان تشكل أزمة في الرياض تعصف بنظام بني سعود وقد تحذف قيوده من مستقبل المنطقة بأسرها.

 
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024