الخميس 2015-05-28 04:01:48 تحليل سياسي
سورية... معركة المعارك...!

مع استعار رحى المعارك الدائرة في المنطقة، بات من الواضح تماماً أن المعركة المركزية الآن هي تلك التي تجري في سوريا. هذا يعني أن النتائج التي ستفرزها تلك المعركة ستنعكس مباشرة على التفاهمات الجديدة التي ستعيد ترتيب الواقع السياسي والاستراتيجي في المنطقة والإقليم أولاً، وربما على المستوى الدولي.

ويمكن هتا استعراض قائمة الدول المنخرطة في سباق التفاهمات والضغط، وفي مقدمتها إيران التي قاربت إنجاز ملفها النووي مع الغرب، والتي تدرك بشكل واضح أن تخليها عن شبكة التحالفات السياسية التي أنجزتها في المنطقة، لاسيما في سوريا بشكل خاص، سيعني عودتها إلى الانكفاء على الذات الداخلية. وما يعنيه ذلك من فتح مجالها الداخلي لـ "ربيع إيراني" ستكون الدول الغربية مستعدة تماما لتسعيره وتمويله ودعمه. من هان تدرك إيران أن مواصلة تحالفاتها، لاسيما مع سوريا، هو الخيار الأفضل لها، مهما بلغت تكلفته السياسية والاقتصادية.

أما روسيا بوتين المنتشية بنصرها في القرم، وقدرتها على إعادة ضبط معايير العمل الأوكراني، تدرك تماما أن أي تقدم لجماعات الإسلام السياسي في سوريا، سيعني عودة عمل مقاتلي القوقاز والإرهاب "الإسلامي" على أراضيها، وتحول شوارع موسكو وأبواب الكرملين إلى ميدان جديد للشيشانيين المعارضين لها وخسارة كل ما حققته دوليا من الملف السوري.  الأمر الذي يجعل من بقاء الدولة السورية، والجيش السوري هدفاً مباشراً لها.

الوضع مع تركيا له حساباته الخاصة، في معيار إعادة بناء الإمبراطورية تلعثمانية الجديدة، مشروعها القديم الذي يبدو أنه أعيد للحياة مجدداً. فتركيا كما يبدو واضحاً عازمة على المضي في مشروعها المتمثل ببناء أنظمة سياسية في المنطقة تتبنى الشرعية الإسلامية كأيديولوجية أساسية، ويأتي في مقدمة تحالفاتها تنظيم الأخوان المسلمين بفروعه المتعددة كأداة سياسية  لفرض سطوتها المعنوية، وتلك التنظيمات الاسلامية السياسية المهجنة الاخوان والقاعدة كأداة عسكرية لفرض سطوتها العسكرية، كجيش الفتح في سورية وقوات فجر ليبيا مستفيدة من التجربة الأفغانية وحركة طالبان وتسويقهم  كطرف سياسي معتدل وإسقاطهم من قوائم الإرهاب الدولي والاعتراف بهم كفصيل سياسي مؤثر وفاعل على الأرض في المنطقة.

يبقى الدور على السعودية المتعثرة في العراق وسورية وحديثاً في اليمن، حيث  تجد  نفسها مضطرة للتحالف مع أردوغان (الند الإسلامي لها في المنطقة) رغم مخاطر ذلك على نظامها السياسي،  وعلى حساب مصر التي يبدو أنها رغم الجهود المبذولة لضبط العلاقات السياسية معها، إلا أن علاقاتهما الثنائية ليست بأفضل أحوالها. الأمر الذي يجعل من إمكانية تردي العلاقات بين القاهرة والرياض قائمة رغم حرص كلا الطرفين على عدم إظهار ذلك إلى العلن، لاسيما أمام اختلافهما وتباعدهما في الملف السوري.

إذا، أزيز الرصاص وتصاعد المعارك في سوريا بين كل المتقاتلين المباشرين وغير المباشرين، بات محط اهتمام الجميع، لاسيما الجوار، الذي يترقب ويدرس ويحلل أي تقدم لهذا الطرف أو ذاك في الميدان. فالمعارك وحدها يبدو أنها باتت تعيد رسم الخرائط السياسية والتحالفات الإقليمية والدولية، بل يمكن القول إنها باتت تعيد إنتاج العلاقات الدولية من جديد.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024