الأربعاء 2015-08-26 06:06:40 تحليل سياسي
نقد العقل السعودي .. إن وجد -2-

في احدى زياراتي عندما كنت أسافر الى "جدة" قبيل العام 2000 كنت مع مجموعة من الشباب السعودي ننتقل على استراد المدينة الصاعد في سيارة أحدهم، في الطريق شاهدت اعلانا هائلا على سطح احد الابنية المرتفعة يتضمن دعوة للتبرع لمجاهدي الشيشان، اثارني الامر ولم اكن قد تعرفت الى عقل السعودي بعد، فقلت لمن حولي "بدل التبرع لهؤلاء لماذا لا يكون التبرع لأهل غزة المحاصرين ..؟" فجأة انقطعت الأحاديث التي كانت وانهالت علي موجة من التوبيخ من كل صوب، كلمات تنعتني بالجاهل والكافر والملحد .. فقد كان رأي الجميع أن من هم في فلسطين ليسوا مسلمين حقا بل هم "ملاعين"، لو كانوا مسلمين لما ابتلاهم الله بما هم فيه من احتلال، فيما المسلمون الحق هم أولئك المجاهدين في الشيشان الذين يحاربون اصل الكفر الشيوعي " .. ولا أزال مستغربا مصدر هذه الثقافة في العقل السعودي، الى أن قرأت منذ أيام على صفحات التواصل الاجتماعي (facebook) أن بعض الشيوخ في احدى دول الخليج العربية قاموا بتقديم مسرحية للأطفال عنوانها (ليلى والذئب) أحد هؤلاء الشيوخ يقول للأطفال : هل تعرفون ماذا فعل الذئب بـ ليلى ؟ لقد أكل رأسها الذئب لأنها لم تغطي شعرها !! شيخ آخر يكمل القصه فيقول للأطفال هل تعلمون لماذا لحق الذئب البنت ؟؟ لأنها كانت ترتدي تنورة قصيرة !! فانبرى ثالث وهو يردد بصوت جهوري امام الاطفال لا لا ليس لهذا فقط لحقها الذئب بل لأنها خرجت دون محرم .. بهذه العقلية يتم اخراج اجيال متخلفة لا تعرف سوى ثقافة القتل باسم الدين و الاسلام، بهذه العقلية يسيّر النظام السعودي مجتمع نجد والجزيرة، يربي أجيالا مغسولة الأدمغة تلبي حاجته للبقاء في السلطة، أدواته أمراء الوهابية شيوخ التكفير الذين يشاركونه السلطة باسم هيئة "النهي عن المنكر والأمر بالمعروف" .. وأي معروف يأمرون به ! فقد بات عقل "المطوع" مقياسا ومعيارا للصح والخطأ، وما هو الا رجل أمي في أحسن أحواله أمي يقرأ ويكتب، بإمكان هذا الرجل الملقب ب"المطوع" أن "يهشك" بالعصاة في أي مكان، فيدفع الناس الى الاصطفاف واقامة الصلاة ولو وسط الطريق دون ان ينتابه أدنى احساس بما في ذلك من مس لقيمة الصلاة والدين بكليته. على قناة cbc المصرية سيدة سعودية اربعينية جميلة ، ليست محجبة تماما وانما محتشمة بعباءة وشال يغطي رأسها ويظهر جزء من الرقبة مزين بطوق ينم عن ثراء، بعد تقديمها على أنها ناشطة سعودية قالت: " 90% من النساء السعوديات ينزعن الحجاب فور صعودهن الى الطائرة لمغادرة المملكة، وتسأل المحاور (عارف ليش ؟) ثم تجيب : لأننا ما تربينا على أن الدين معاملة، نحن تربينا أن الدين غصبا عنك وإلا ستتعرض للضرب على يد رجل الهيئة في الشارع. تضيف السيدة : مجتمعاتنا ليست مجتمعات محافظة نهائيا، بل هي مجتمعات منغلقة. ليس هناك دين حقيقي .. (خليني أسألك؟) السنا مسلمين ؟ ألا نصلي خمسة أوقات في اليوم؟ أليس شرط الصلاة الوضوء يعني الطهارة؟ أمام هذا تعال انظر الى شوارعنا، أين الطهارة، أين تطبيق الدين، أين النظافة ؟.. نحن حقيقة لسنا بلدا مسلما، اليابان البوذية هي البلد المسلم، اذا اردت القياس بالدين ." في حادثة أخرى استقطبت اهتمام وسائل الاعلام (غير المملوك لنظام بني سعود طبعا)، قامت "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالتعاون مع شرطة محافظة الخفجي في مملكة بني سعود بمداهمة منزل لأسرة لبنانية في حي العزيزية كانوا يحتفلون بعيد السيدة العذراء داخل مسكنهم، فاعتقلتهم جميعا، 27 شخصاً من بينهم أطفال، اعتقلتهم بتهمة ممارسة الصلاة المسيحية وحيازة "اناجيل" ..! وقررت سلطات نظام بني سعود التي تمنع رسمياً ممارسة اي عبادة غير الاسلام وتعتبر كل الديانات الاخرى غير مرغوب فيها على اراضيها، قررت نزع الإقامة من المتهمين وترحيلهم خارج المملكة، ولم تفلح محاولاتهم شرح وجهة نظرهم بأن القرآن الكريم يقدر السيدة العذراء، وان صلاتهم لم تتسبب بأى أضرار. بهذه العقلية يتشدق أمراء النظام الوهابي بالديموقراطية .. ويفوضون أنفسهم للتحدث باسم شعب سبقهم الى الحياة بثلاثة عشرة ألف عام، شعب علم الدنيا الحرف والرقم والزراعة، واخترع له أدوات الحياة، شعب سمي ابناؤه بأبناء الحياة استحقاقا وهدفا، فأي عقل ذلك الذي يعتقد أنه بما سرق من ثروة يمكنه أن يملك الناس ..! الا ان عقل بني سعود المحدود لا يزال يتعرض للسخرية، فحتى حماتهم ومشغليهم الأمريكان والانكليز يسخرون منهم، ومن محاولاتهم التمظهر بما ليسوا فيه، فها هي استاذتهم وحليفتهم في الاعلام شبكة الأخبار الأمريكية "سي.إن.إن" تقول: " إن السعودية روجت وهللت وافتعلت ضجةً لموضوع تسجيل النساء للتصويت في الانتخابات البلدية في المملكة واعتبرته أجهزة إعلامها وسلطاتها "معلما مهما من معالم التقدم، إلا أن المملكة هي واحدة من أكثر الدول قمعاً للنساء وحجبا لحقوقهن، لذلك فان مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية لا قيمة لها لأن النظام السياسي في المملكة بلا معنى أصلاً، فالمشاركة في نظام لا معنى له، تصرف بلا معنى أيضاً". هذا هو العقل السعودي ، هل يحتاج الأمر الى ايضاح .. لا أعتقد .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024