خاص سيريانديز سياسي ــ  مايا قيسية

" منذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية على الاراضي السورية في 30 سبتمبر الماضي بأمر من الرئيس الروسي فلاديمر بوتين تحت شعار "محاربة الارهاب ومنع وصول المقاتلين الاسلاميين الى الاراضي الروسية " تصاعد القلق الاوروبي والامريكي ازاء هذا التدخل الروسي في سوريا ولاسيما بعد وصول كميات من الاسلحة الروسية الى عتاد الجيش السوري .. وفي خضم هذه الاحداث شهدت المنطقة منذ ايام معدودة حادثة وصفت "بالواقعة الخطيرة " حيث افادت تقارير تركية ان القوات الجوية التركية اسقطت طائرة حربية روسية من طراز سوخوي-24 عند الحدود السورية وقال مسؤولون عسكريون اتراك ان طائرات تركية من طراز اف -16 اسقطت طائرة قاذفة روسية بعد ان حذروا طياريها عدة مرات بأنهما ينتهكان المجال الجوي التركي .. بينما اكدت وزارة الدفاع الروسية ان الطائرة تحطمت بينما كانت تحلق على ارتفاع 6000 متر وقد شددت الوزارة على انه خلال الطلعة الجوية ظلت الطائرة حصرياً فوق المجال الجوي السوري مضيفة .. ان هذا الامر جرى تسجيله عبر وسائل محايدة في الوقت الذي اعلنت فيه وزارة الدفاع السورية ان حادث الطائرة كان كمين وهذا ما اكدته التحقيقات العسكرية فيما بعد .. *السؤال يكمن هنا , ماالذي دفع تركيا لمثل هذه الخطوة رغم علمها ان روسيا لن تقف متفرجة دون رد ؟! هل هو محض خطأ .. ام انها لعبة مدروسة من الجانب التركي وبتنسيق امريكي ؟! لابد ان مخاوف الاتراك من التدخل الروسي في سوريا يتجسد في كون هذا التدخل تهديداً للأمن القومي التركي كما يزعمون ,كما انه افشال لمخططات تركيا في اقامة منطقة عازلة على الحدود السورية التركية تمتد من جرابلس شرق الحدود الشمالية الى مارع في غربها بمساحة 4500 كم .. اما اذا ما اخذنا السبب المباشر لهذا الفعل فما هو تعبيراً عن استياء تركيا من تدمير رتل من الصهاريج المحملة بالنفط السوري المسروق والموجهة الى تركيا لبيعها (1000 صهريج ) .. *لكن يبدو ان الاتراك على ثقة من ان الولايات المتحدة الامريكية و حلف الناتو سيساندا الموقف التركي .. حيث اعلنت الرئاسة التركية في بيان صادر عنها أن الرئيس باراك اوباما اكد ان الولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي سوف يدعمان حق تركيا في الدفاع عن سيادتها , بالاضافة الى ان الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ عبر عن الالتزام بدعم انقرة بعد ان اسقطت تركيا الطائرة الروسية ورفض اي اشارة الى ان الواقعة حدثت خارج الحدود التركية .. *لكن هل تركيا على ثقة تامة من حلفائها ؟! ان حلف الناتو ورغم تضامنه مع تركيا لكنه ليس على استعاد لخوض حرب ضد روسيا لاسباب عديدة منها ضعف الاوضاع الاقتصادية لدول حلف الناتو وهيكلية الحلف لم تعد كسابق عهدها .. اضف الى ذلك ان نسبة القوى البشرية نوعية السلاح ضعيفة مقارنة بالسلاح الروسي وخاصة في مجال الدفاع الجوي .. اما امريكا فقد تكون هي المحرض لتركيا للقيام بمثل هذه الخطوة من وجهة نظري - وذلك لينشب الخلاف الروسي التركي وتمنع روسيا من التحليق فوق الحدود التركية وفوق المنطقة التي تعدها امريكا لما تسميها بالمعارضة المعتدلة ... اما في حال اشتد الخلاف بين روسيا وتركيا واقدمت روسيا على ضرب مواقع للجيش التركي وتدميرها فإن امريكا ستتخلى عن حليفها التركي لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في 2006 وهو خلق حالة من الفوضى تمتد من لبنان وفلسطين وسوريا الى العراق والخليج وايران حيث ان تركيا جزء منه .. وايضا احد اسباب امريكا الخفية هو جر روسيا لحرب مع تركيا وابعادها عن هدفها في محاربة المد الارهابي ودعم الجيش السوري .. *اذاً يبدو ان تركيا لم تضع حسابا للموقف الروسي وامست في موقف اشبه بالمأزق وذلك بعد ان ظهرت ملامح الغضب الروسي من هذه الواقعة عقب تصريحات الرئيس الروسي فلاديمر بوتين في لقاء مع العاهل الاردني عبدلله الثاني في سوشي الثلاثاء 24 نوفمبر حيث حذر بوتين من تداعيات اقدام تركيا على اسقاط المقاتلة الروسية سوخوي -24 واعتبرها طعنة في الظهر وتواطؤ مع الارهاب كما اكد الرئيس بوتين ان الطائرة قد اسقطت على الرغم من عقد اتفاقية بين روسيا وامريكا لمنع حدوث مثل هذه الجرائم وكانت تركيا في صفوف الذين ادعوا محاربة الارهاب فما تفسير هذا الفعل ؟! كما ان لهذه الحادثة اثار خطيرة على العلاقات الروسية التركية لاسيما بعد وقف التنسيق الجوي مع انقرة ووقف اجازات السياح الروس الى تركيا اي اضعاف ما يقارب 6% من الاقتصاد التركي مما سبق نجد ان التصرف التركي ماهو الا حماقة سواء كانت مدروسة العواقب ام لا وما هي الا دليل على جنون القيادة التركية وغضبها من ضرب الارهاب الذي تدعمة ما يقارب الخمس سنوات وبكل الاشكال لتحقيق مآربها في منطقة الشرق الاوسط