الإثنين 2015-09-21 11:09:36 شباب في السياسة
رسالة لطالب حقوق مستجد..

يعيش الطالب بعد النجاح بالثانوية حيرةً من أمره باختيار اختصاص جامعي مناسب، يلي الحيرة غموض عن الكلية التي اختارها، لذا كان لا بد من الحديث في هذا الوقت عن كلية الحقوق وعن حقيقة ما يحكى عن صعوبة دراسة مناهجها، وعن حديث العوام المغلوط عن المحاماة وممارستها. سيكون من المفيد أن نوجز وبواقعية صرفه وبدون أية مبالغات استنادا للتجربة الشخصية، عل الفائدة تعم الراغبين بها.
بدايةً الخيار للطالب بالتأكيد، هو و ما يرغب، ذلك أن التفوق مشروط بالرغبة، لكن الحقيقة تقول أن على عاتق الشاب التزامات عدة لا مناص منها، وعليه تحمل مسؤولياته اتجاهها، ومن أجل تكوين الأسرة وتأمين الحياة الكريمة يغدو الطالب ملزم بالانتساب لكلية تمكنه من ذلك (هنا يبدأ نزول الطالب من على غيمة الطفولة و تبدأ بعض الأحلام بالتبخر، حينها يصبح تعريف النجاح أنه التكيف مع الواقع الجديد) و يبقى لكل مجتهد نصيب، و الأرزاق باقية بيد الله وحده، والواقع يقول أن بعض الشهادات الجامعية حلقت بأصحابها حيث لم يحلموا ولم يتوقعوا من قبل، و أخرى معلقة على جدران المنازل يعلوها الغبار بينما أصحابها يمتهنون مهن أخرى يرتزقون منها تكون بعيدة كل البعد عن اختصاصهم الجامعي، و أن نقول الإجازة في الحقوق فهذا لا يعني أبداً أن كل الخريجين أصبحوا وزراء عدل.
دراسة الحقوق كغيرها من الاختصاصات، من لا يدرس لا ينجح، ومن ينجح بقاعات الكلية دون جهد سيسقط مخزياً بميدان العمل، و المبالغة بالحديث عن صعوبتها يشبه تماماً المبالغة التي يحكى عنها لطالب البكالوريا قبل تقديمها، المقررات الدراسية لا تخلو من بعض المعلومات المكثفة أحيانا، بالوقت الذي لا تخلو به من البساطة طبعاً، و جمال المنهاج يكمن حيث شموليته، فالطالب يدرس المبادئ الأساسية في الاقتصاد والسياسة والشريعة وغيرها لجانب دراسة فروع القانون، ما يجعله بمستوى ثقافي لا بأس به، فلا يمكن للحقوق إلا وأن تترك الأثر الإيجابي بشخصية دارسها، والخارج من أبواب الكلية حتماً لن يشبه الداخل إليها، أستطيع القول أن الحقوق من أهم المدارس التي تثقل الشخصية وتجعل صاحبها أكثر دقة وملاحظة وثقة بالنفس.
الحقوق تخول حاملها ممارسة المحاماة، و الانتساب للقضاء، والتطوع في سلك الشرطة أو صفوف الجيش، والعمل بأروقة السياسة و الدبلوماسية، إضافةً للتواجد في الدوائر الحكومية و البنوك العامة والخاصة والشركات، و الإعلام، والتدريس في الجامعات والمعاهد أيضاً، ذلك متى توافرت باقي الشروط الأخرى بالطبع ، كل هذا يعني أن للحقوق تواجد قوي في ميادين العمل مقارنةً بباقي الاختصاصات، أقصد أن الإعلامي مثلاً لا يمكن أن يكون محامياً لكن الحقوقي يمكن أن يكون إعلامياً _ مبدأياً _، الأمر ذاته بالنسبة للعمل في السلك الدبلوماسي كمثال آخر، حيث يمكن للحقوقي أن يكون حاضراً بها بينما خريج العلوم السياسية مثلاً لا يمكن أن يكون محامياً، لا أقصد الجمع بين المحاماة وغيرها لأن ذلك غير ممكن إلا باستثناءات محددة، ما أقصده تعدد فرص العمل لحملة الإجازة في الحقوق، ما يجعل المردود المادي جيد إلى حد ما.
يفترى على مهنة المحاماة بعض الأقاويل عن كونها باباً للتلاعب والاحتيال، والحقيقة أنها كغيرها من المهن، فإذا كان هناك طبيب يقوم بعمل جراحي غير لازم بغية تقاضي بعض المال فهذا لا يعني أن الطب وأهله كلهم على هذه الشاكلة! _ وفي ذلك مثال تقريبي _، فالمحاماة كانت وستبقى واحدة من أجل المهن تأخذ بيد الناس لتحقيق العدل وبسط سيطرة القانون وتأكيد سيادته، إضافةً لتعريف الناس بالقوانين الناظمة لمعاملتهم، ذلك حتى ينضبط إيقاع حياتهم ويعرف كل فرد حقوقه وواجباته، و غيرها ، فالممارسة السلبية للمحاماة وإن بدت واسعة النطاق لن تلوث على الإطلاق هدفها الرئيس، الموضوع بغالبيته متعلق بالأشخاص و بعوامل أخرى، والتعميم الذي يدور على الألسنة حول ذلك يشبه إلى حد كبير الحكم على عائلة القاتل جميعها بالإعدام فقط لأن ولد من أولادهم مذنب! _ وفي ذلك مثال تقريبي آخر _ هذا لا يمكن أن يكون منطقياً أو مقبولاً على الإطلاق.
أخيراً.. على الصعيد الشخصي والصدق أقول أن شعوراً بالسرور ينتابني لكوني طالباً في الحقوق، علماً أنها لم تكن مدرجة على قائمة الطموح أيام الطفولة أو الثانوية، لكن الدخول بها متعة تدفع بقوة للتكيف معه.
مني لكم ولكافة السادة الطلاب أمنياتي بالنجاح والتوفيق.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024