الخميس 2016-06-02 15:22:58 خاص سيريانديز
أمام المهجرين يهاجر الفرح.. صحفيو طرطوس يزورون بعض مراكز الايواء ويستمعون لمعاناتهم

سيريانديز – سعاد سليمان
على حقول القمح , على الزهر.. على اسفلت الشوارع ..
هنا ينثر الندى قطراته عشقا للأرض , للإنسان ..
وهناك حيث اضطررت مرغما أو حالما .. هناك حيث الحقد يسور الطرقات ويرسم الحدود .. كل الدروب مغلقة إلا طريق الندى مفتوح بالمحبة .. وأنت ابن هذا الطريق .
هنا في طرطوس .. بالحب فتحت الابواب لعابر سبيل , لمقيم , للاجئ , لابن البلد , للقريب وللغريب .. في البلاد لا لجوء .. أهل المكان أنتم .
حين يتراكم الحقد جبالا في خيال الضعفاء .. تسطع شمس الحقيقة .. لا حقد بين الاهل والأخوة .
كالندى يحيي الارض العطشى , كحبات المطر , كالزرع لا يسأل من يقطفه , من يأكله , كالبحر العطاء , كالنهر الحياة , كالسماء الزرقاء تجلي صدور الحزن وتفسح للأمل الرجاء .
حين يتحدث هارب من اسلام داعش الوهابي لا بد أن يأتيك العجب ..
يقول عجوز وصل إلى طرطوس بعد هروبه من الرقة :
كل ما تسمعونه وزيادة .. يقطعون أصابع شاب يدخن ويجلدون امرأة بان جزء من ساعدها وهي تنشر الغسيل على حبل في شرفة بيتها .. ذبح البشر وقطع الرؤوس أهون من ذبح فروج .. هناك تفقأ العيون .. تجرف العين من مكانها بقطعة حديد خصصت لهذا العمل بسهولة وهم يضحكون , يقهقهون ..
يتحدث الرجل وقد فتح عينيه مستغربا مازال مندهشا وخائفا رغم أنه ابتعد وهو الآن  في طرطوس ..
دون سؤال كان يتحدث ويروي كيف استطاع الخروج من الرقة , كيف هرب من ضباع لا تعرف الانسانية .. جائعة لا تشبع وتدعي الاسلام !!
في زيارة لبعض مراكز الايواء الكثيرة في طرطوس قام بها فرع اتحاد الصحفيين الاسبوع الماضي كانت الزيارة الاولى لمبنى العقارية القديمة في حي الرمل الذي يضم 54 عائلة من حلب وريفها تشكل 225 فردا .. تجمع حولنا عدد من سكان المبنى ودون مقدمات أو حاجة للتعارف أصبحنا أصدقاء .
نساء ورجال استقبلونا , وجرى حديث عن الحرب كجريان الدم في الشرايين .. لمس القلوب وطاف .
أمين زرقة عامل دهانات من حلب هو عضو اللجنة الذاتية في المبنى تحدث عن تواجد الوافدين منذ خمس سنوات وعن معاناة النازح الذي لا عمل له إلا انتظار المعونات عبر سلة غذائية يقدمها الهلال الاحمر لكل أسرة سلة تقدم كل شهرين مرة وتضم مواد تموينية من سكر وارز وزيت ووو
وطالب بسلة إسعافية  تحمل اسم : سي آر سي لم توزع لهم إلا مرة واحدة وهي تضم مواد صحية وضرورية وأكد ضرورة تجديد ما تم تقديمه لهم من فرشات وأغطية كل مدة وذلك بسبب نوعيتها السيئة ..
خيرو المحمد وحسن خليل وقفا بجانبنا مرحبين .. خيرو يحمل في يده شهادة طبية رسمية تؤكد عجزه عن السمع حتى خمسين بالمئة وحسن الشاب اللطيف مصاب بشلل جزئي كما أكد والده يوسف خليل القادم من حلب وقد ترك أولاده الاربعة المتطوعين في الجيش العربي السوري موزعين على مساحة الوطن , بينما يقضي يوسف وقته مع ابنه حسن في المبنى حيث فقد حسن صحته من طلق ناري ادى لشلله الجزئي وذلك خلال قيامه بمهمته في الجيش العر بي السوري في القنيطرة .
فدوى الحا بري – 42 –سنة أم لطفلين وأرملة تدافع عن وجودها وحماية أولادها بكل ما أوتيت من قوة وقد تجمعت مع النسوة في المبنى يؤكدن محبة سورية ولا بديل عنها والاستعداد للتضحية بالغالي فداء للوطن .
عبد اللطيف صقور المشرف على المركز أكد حرص القيادة في المحافظة على حماية أبناء سورية النازحين إلى طرطوس ورعايتهم .
في مخيم الكرنك .. هنا يختلف المكان لكن الوجع واحد ..
هنا تطل الخيام على شاطئ أزرق يمتد حتى خط الافق .. وهنا يجد الاطفال متسعا للعب بالرمال وبين الخيام المتقاربة والمتناثرة .. القديمة والمتجددة للتو .. يبتسم الاطفال للقادمين بمحبة .
تقول أم لأربعة أولاد هاجروا من حلب بعد أن فقدت زوجها أنها تنام على أمل العودة إلى بيتها هناك حيث يعاني أهل حلب من حقد القذائف القاتلة للأبرياء .. وتحكي عن معاناتها هنا في المخيم حيت تحتاج خيمتها تصميما جديدا يمنع دخول المياه إليها كأن تضع حجارة أو قرميدا تعجز عن تأمينه كما يعجز سكان المخيم عن تأمين الماء والكهرباء وقد فقدوا الامل في منظمة الهلال الأحمر وغيرها , وبينما تبتسم سيدة أخرى تعمل في البيوت كخادمة وتؤكد ارادتها للحياة في ظل الامان والعيش بسلام أما المطالب فهي ضرورات العيش والاستمرار لا أكثر .

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024