الخميس 2015-07-02 11:04:44 تحليل سياسي
العروبة خشبة خلاص أم الدنيا

حمل اغتيال النائب العام المصري على يد ماسمي المقاومة الشعبية والمذبحة التي وقعت في حق الجنود المصرين في سيناء مؤشرات تدل على أن الصراع في مصر دخلت في مرحلة جديدة أكثر عنفا ودموية.

 اعتمد نظام الحكم الجديد في مصر على المؤسسة العسكرية  والمؤسسة القضائية ورجال الأعمال لتوطيد دعائم حكمه الجديد في الداخل وعلى دعم المملكة العربية السعودية والخليج للحصول على الشرعية الدولية والدعم الاقتصادي المطلوب, وقد حصلت السعودية مقابل ذلك على دعم مطلق وكبير من قبل مصر في كل الخطوات التي بنت على أساسها إستراتيجيتها لمواجهة النفوذ الأيراني في المنطقة.

كل ذلك دفع مصر لاتخاذ الكثير من القرارات التي لم تكن إستراتيجيا تصب في صالح مصر بدأ من الحرب ضد الشعب اليمني إلى السياسة المتبعة تجاه الرب على سورية, مما انعكس سلباً على الوضع الأمني الداخلي فاستمرار المماطلة في مكافحة الارهاب أدى إلى توسع هذه التنظيمات وزيادة خطرها.

ان الخطورة الأكبر التي تواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي هو الآلاف من أنصار الأخوان المسلمين الذين يملؤون أحياء مصر وأريافها والذين سيشكلون الحاضن الأساسي والداعم للحرب التي ستخوضها داعش والإخوان تحت مسمى المقاومة الشعبية ضد الحكومة المصرية, وكما حدث في كثير من الدول أمام هذا الواقع لن تجد داعش صعوبة في انتزاع جزء كبير من حاضنة الأخوان الشعبية وتجنيدها تحت لواءها مماسيعني توسع رقعة الدولة الأسلامية في المنطقة وزيادة خطرها.

كل ذلك سيجعل الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام خيارات صعبة وسيصبح غير قادر على الاستمرار في تحالفاته الخارجية فهو لن يكون قادر إلا على مواجهة الفكر الوهابي والسلفي الذي عمل خلال الفترة الماضية من خلال السعودية على مهادنته وهو مضطر ان ينتقل في صراعه السياسي والدبلوماسي مع الدول الداعمة للإخوان" تركيا وقطر" إلى مرحلة أعلى سيؤدي لتدمير هذا التحالف  فالتحالف بين مصر وتركيا وقطر ضد الحوثين ليس سوى مساكنة فرضتها السعودية.

وأمام هذه التطورات لن يستطيع عبد الفتاح السيسي تحقيق الانتصار في هذه المواجهة بوسائل كلاسيكي فالتجربة السورية والعراقية أثبتت أن هذه التنظيمات لايمكن محاربتها إلا بإستراتيجية مجتمعية تعتمد على الفئات الشعبية سواء لتأمين الحشد الكافي للمواجهة العسكرية القادمة والحد من تغلغل الفكر الجهادي بين فئات المجتمع المصري لمواجهة المشروع الأخواني الداعشي وهذا الأمر لن تستطيع تحقيقه  الحكومة المصرية إلا من خلال الحاضن الأساسي للفكر العروبي والذي لن يقف مع الحكومة المصرية  بقوة في وجه هذه التيارات الإسلامية إلا وفق استراتيجية قومية تتبناها الحكومة المصرية تخرج مصر من العباءة السعودية, وهو ماسيؤدي إلى تخفيف حدة الانقسامات في المنطقة على خلفية الصراع السني الشيعي الذي أدى إلى تأكل كل التيارات الأخرى مقابل التيارات الإسلامية الجهادية  والتي زادت من مخاطر دخول الدول العربية في حرب طائفية لن تنتهي قبل تدمير هذه الدول وتحويلها إلى دول طائفية مذهبية, فالعروبة لم تعد خيار بل هي خشبة الخلاص التي يمكن على اساسها إعادة بناء نظام عربي جديد قادر على تحقيق الأستقرار للدول العربية.

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024