الجمعة 2015-05-29 13:02:51 شباب في السياسة
التجارة تفتح طريقها بشكل أسرع من السياسة
الإيرانيون يجهزون أنفسهم للدخول من باب عريض على اقتصاد منفتح

كثر  الحديث مؤخراً عن الاستعدادات التي تجري في الجانب الاقتصادي داخل إيران من جهة وفي المحيط الإقليمي أو الدولي من جهة أخرى، سواء كان التحرك على مستوى الأفراد أو الشركات وحتى الدول، فمن أهم التداعيات التي يمكن ان يحملها توقيع الاتفاق حول الملف النووي الإيراني هو رفع العقوبات عن الاقتصاد إيران ما يعني بالتأكيد انفتاحاً اقتصادياً  كبيراً وتوازناً إقليمياً وربما دولياً جديداً سيفرضه هذا الوافد الجديد، فقد نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريراً حول توقعات الإيرانيين بشأن التغييرات التي ستشهدها بلادهم في حال التوصل لاتفاق نووي مع الغرب في شهر حزيران المقبل، ورد فيه أن الكثير من الأفراد والشركات الإيرانية يتوقعون انتعاشة اقتصادية واجتماعية في بلادهم بعد 36 عاماً من العزلة الدولية، ويحاولون منذ الآن الاستعداد للاستفادة من الانفتاح.

وقالت الصحيفة، إن الكثير من العقبات مازالت تقف في طريق التوصل لاتفاق نووي نهائي في 30 حزيران المقبل، ولكن الإيرانيين بدؤوا فعلاً استعداداتهم لذلك الموعد، ويكفي الدخول إلى "الكلية الإيرانية لإدارة الأعمالIBS " في بوناك، إحدى ضواحي طهران، للتأكد من ذلك، ونقلت الصحيفة عن روزبيه بيروز، أحد موظفي الكلية، "إنه عندما تنفتح إيران على العالم وتقوم بخطوة نحو الأمام، فإنها ستحتاج إلى هذه الكفاءات القادرة على إدارة المشاريع".

كما نقلت عن ماني بيدار، أحد طلبة الكلية الذي أنهى دراسة الهندسة منذ سنوات، اعتقاده أنه عندما يتم فتح الباب، فإن قواعد العمل التجاري في إيران ستتغير، سواء بالنسبة للشركات الخاصة أو الحكومية، التي عليها أن تتأقلم مع الواقع الجديد، وبحسب الصحيفة، فإن إيران لا تعد فقط سوقاً جذابة للشركات الأجنبية، بل تضم أيضا عمالة ماهرة مفيدة للشركات التي تنوي الاستثمار في البلاد، فوفقاً للأرقام الرسمية يوجد اليوم في إيران 5.7 مليون من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، و 4.5 مليون آخرين في طريقهم للتخرج.

من جهة أخرى، لعل أكثر المستفيدين من هذا الانفتاح هو تلك الدول المجاورة لإيران ويثبت ذلك المنطق القائل بأن الاستفادة والاستثمار لدول الجوار في الصناعة والزراعة والبنی التحتية والتبادل التجاري سيكون مجدياً لأنه سيكون الأقل کلفة بسبب القرب الجغرافي، ومن المتوقع أن تستفيد من هذا الانفتاح سورية والعراق والجزائر إضافة إلى دول غير عربية علی رأسها دول البريکس وأميرکا، كما يطرح رفع هذه العقوبات فرصاً نادرة، نظراً الى ان إيران ما زالت اليوم خامس اكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بالرغم من العقوبات، حيث إنتاجها معدل 2,81 مليون برميل في اليوم في 2014 (مقابل 4 في 2008) وصادراتها حوالي 1,1 مليون برميل في اليوم، على صعيد الغاز تملك إيران ثاني أهم احتياطي في العالم بعد روسيا اللاتينية، وليس سراً ان إيران تريد دعوة الشركات الأجنبية، ففي 2014 في منتدى دافوس الاقتصادي دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الغربيين الى العودة الى بلاده الاستثمار في قطاع الطاقة.

كما تفيد تقارير صحفية أنه سوف تقوم وفود تجارية أوروبية مختلفة بزيارة إيران، وذلك بعد توقيع الاتفاقية النووية، وستسعى هذه الوفود للتوصل لاتفاق من أجل العودة إلى السوق الإيرانية في المجالات التجارية والاستثمارية.

وقد صرح أحد المسئولين التجاريين الإيرانيين، بأن أوروبا ترغب في زيادة التعاون التجاري والاستثماري مع إيران، كما أن زيارات هذه الوفود التجارية والقادمة من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قد تم خلال النصف الأول من شهر كانون الثاني من العام الجديد، وهي كلها أيام عطلة بهذه الدول، وهو دليل على أن الغربيين الذين يولون إجازاتهم أهمية خاصة ويغتنمونها في العادة لتحقيق مصالحهم، قد التفتوا لأهمية السوق الإيرانية.

كما صرح "محمد مهدي زاده" رئيس شعبة الاستثمارات بالغرفة التجارية الإيرانية قائلا: استضفنا وفوداً من دول أوروبية كبيرة، ومن بينها فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وبريطانيا، والسويد، وباقي الدول الأخرى، جميعهم يسعون من أجل الدخول إلى السوق الإيرانية، كما تلقينا العديد من الرسائل من قبل الشركات الأمريكية الكبرى، جميعها طالب بالتعاون معنا والاستثمار في إيران، وذلك في قطاعات النفط وصناعة السيارات والتكنولوجيا والصناعات الغذائية، وسوف نشاهد خلال الفترة القريبة صراعاً ومنافسة قوية بين الشركات الأوروبية والأمريكية حول السوق الإيرانية، وقد بات من الواضح أن الصراع الأمريكي الأوروبي يدور حول السوق الإيرانية لصناعة  السيارات، وقد انتشر خلال الفترة الأخيرة أخبار عن إمكانية دخول شركات أمريكية كبرى في سوق صناعة السيارات بإيران، كما تشير أخبار أخرى أنه خلال الأسابيع الأخيرة توجهت وفود تجارية متعددة من قبل الشركات الأوروبية إلى إيران، كما قاموا بعقد مباحثات مع مسئولين مختصين في قطاعات النفط والغاز، وصناعة السيارات والنقل، والاتصالات، والبضائع والتأمين والسفن.

السباق الاقتصادي بدأ متزامنا مع السباق السياسي ولكن خطوات الاقتصاديين عادة تسبق خطوات السياسيين وكثيراً ما يطلب رجال السياسة من رجال الاقتصاد الإسراع لفتح أبواب التجارة تمهيداً للانجاز السياسي، اقتصاد قوي قادم وفرص متوفرة فأين سترسوا تلك المناقصات ومع من ستوقع الاتفاقيات وفي جيوب من ستنهمر الأرباح وهل ستكون الدول العربية ذات تدبير يجعلها تستثمر الفرصة الذهبية؟

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع سيريانديز سياسة © 2024