كلاّ، لم ينفذ هاوون محاولة الانقلاب في تركيا، وإن فشلوا في تحقيق مرادهم. فليست المجموعة التي أعدّت خطة الانقلاب بصغيرة، إذ أنّ أعضاءها انشقوا عن قوات الجيش التركي المختلفة، كما أنّهم نجحوا في تطويق حدود البلاد كلّها، إلاّ أنّ جهود جهاز الاسختبارات التركية أفضت إلى احتوائها وإحباطها بعد مرور ساعات قليلة على بدئها. وكلاّ ليست محاولة الانقلاب صنيعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلاّ أنّ نفوذه سيتعمّق إذا ما نجح في قمعها، بحسب ما رأى أحد مراسلي موقع "المونيتور" (لم يكشف عن إسمه)، الذي شهد على أحداث ليلة الـ15 من تموز في أنقرة.
مستنداً إلى مسؤولين أتراك كبار وإلى عدد من المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى، أسدل المراسل في تقرير بعنوان "كيف أفشلوا الانقلاب؟" الستار عن المراحل العديدة التي سبقت إفشال محاولة الانقلاب الرابعة في تركيا، مشيراً إلى أنّ رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان تلقى معلومات تحدّثت عن احتمال حدوث انقلاب في البلاد، فاتصل برئيس الأركان واتخذ التدابير اللازمة، وحذَّر رئيس جهاز أردوغان الأمني؛ علماً أنّ كثراً يرجحون فصله عن مهامه بسبب عدم إعلامه رئيس الوزراء بذلك في الوقت المناسب.
عندها قرر معدو خطة الانقلاب الاستعجال، وبدأوا التنفيذ قبل 6 ساعات، فبدوا غير كفوئين، لاسيّما أنّهم فشلوا في فرض سيطرتهم على القوات المسلحة بالكامل، إشارة إلى أنّ مقتل العميد سميح ترزي على يد سكرتير قائد القوات الخاصة أثبط عزيمتهم وصعّب عليهم إدارة ما أعدوا له من مركز واحد، ما دفع ببعض المجموعات ضعيفة الارتباط ببعضها البعض إلى القيام بأعمال افتقدت للتنسيق في ما بينها.
في هذا الإطار، تساءل المراسل: "لو كان الانقلاب حقيقياً، لماذا لم يتم القبض على أردوغان منذ البداية؟"، لافتاً إلى أنّ بعض المجموعات المنشقة لم تعلم بأمر تغيير وقت التنفيذ، بسبب عدم تواصلها في ما بينهما، فذهب الموكلة إليهم مهمة اعتقال أردوغان عند الساعة الثالثة صباح يوم الخميس من مرمريس إلاّ أنّهم لم يعثروا عليه. من جهته، كشف مسؤول أمني رفيع المستوى أنّ معدي خطة الانقلاب لم يسعوا إلى قتل أردوغان أو فيدان، بل اعتقالهما وإهانتهما.
من جهة ثانية، فشل الانقلاب تأكّد بعدما أخفق معدو خطته في السيطرة على المنابر الإعلامية التركية، فانصرفت تلك الموالية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم تتهم رئيس حركة "خدمة" فتح الله غول، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، بدعمه محاولة الانقلاب، إذ فشلوا في الاستيلاء على شركة "ترك سات" للاتصالات، ما مكّن أردوغان من إلقاء خطابه الشهير على تطبيق "فيس تايم". بدورهم، فاجأ عناصر جهاز الاستخبارات التركية المنشقين باستخدام رشاشات الـ"دوشكا"، إذ لم يكن الأخيرون على علم بأنّ هذا الجهاز يمتلك هذا السلاح وقادر على استخدامه.
في ما يتعلّق بالعالم الافتراضي، أوضح الكاتب أنّ نخبة الحزب الحاكم مقتنعة بأنّ موالي غولن سرّبوا رسائل مسؤولي الحزب الحاكم إلى موقع "ويكيليكس" الذي كشف النقاب عنها مؤخراً والذي حُظر في تركيا في 20 تموز، مشيراً إلى أنّ إحدى النظريات تقول إنّ الموقع وقّت إفصاحه عن هذه الرسائل مع محاولة الانقلاب التي توقع لها أن تنجح وأن تسفر عن اعتقال أردوغان، ما من شأنه أن يهينه أكثر وأن يبرِّر الانشقاق.
وفيما تحدّث المراسل في ختام تقريره عن مخاوف حصول انقلاب ثان في تركيا، مؤكداً أن موقف القوات البرية التركية التي تشكل صلب الجيش التركي إزاء المحاولة الفاشلة التي ساهمت فيها القوات البرية والبحرية ما زال غامضاً، تساءل عن سبب عدم مشاركة ما تبقى من القوات المسلحة في صدّ الطائرات الحربية والدبابات الانقلابية، على رغم معرفتها المسبقة باحتمالية حدوث انقلاب.